كمال زاخر
الجمعة ٧ مارس ٢٠٢٥
فى سياق التعليقات على سؤال طرحته فى حسابى بالفيسبوك (هل قضيتنا كأقباط حقوق طائفة أم حقوق مواطن؟ سؤال اجابته عند التعليم والثقافة واخيراً الدستور والقوانين)
جاء تعليق صديق (هي بالقطع مواطنة.. لكن السؤال هو: كيف ينظر إليها الأقباط أنفسهم؟)
وكان سؤاله مهماً ويقترب من واحدة من محاور اشكالية المواطنة، والاجابة عليه ربما تضعنا على طريق معالجة ازمة المواطنة،
ففى ثقافة الأزمة، ومناخات التراجع المزمنة، ونحن نعيش واحدة من تجلياتها، تأتى النظرة مشوشة، عند كافة مكونات الوطن، ذلك لأن المواطنة ليست نصوصاً او نظرية بل هى حياة تعاش، والأقباط - عددياً - أقلية بقواعد الحساب، ومن ثم فالفكر السائد هو بالضرورة فكر الإغلبية، وكذلك انماط الحياة العامة،
لذلك فالاقباط وان كان لهم بالضرورة انساق حياة خاصة فى بعضها بفعل منظومة ايمانهم الدينى، لكنهم لا يملكون حياة عامة مستقلة، باعتبارهم مكون طبيعى فى وطن متعدد ومتنوع الثقافات.
وفى المجتمعات السوية فإن التعدد والتنوع قوة وعامل رئيس فى التقدم. ربما كان التعبير المصرى القديم (الكل فى واحد) الذى وضعه الأديب المصرى الكبير توفيق الحكيم فى تصدير روايته "عودة الروح" اكثر تعبيرا عن الحالة المصرية، (واحد) يقوم على التعدد فى تكامل، بغير تمايز اثنى أو عرقى وبغير ذوبان يمحو الخصوصية.
فيكون السؤال هل تدرك - وتقبل - الأغلبية مفهوم المواطنة؟.
الاجابة قد يدركها بعضها، ولكنها فى المجمل وفى ظل التوازنات القائمة لن تقبلها، لأن هناك من يربط التمايز بغطاءات دينية ويعتبرها من صحيح الدين
.
لن يتغير أحد من تلقاء نفسه، ما لم نعمل بشكل جاد - بعيداً عن الآمال والتمنيات - على تغيير التعليم والثقافة، واطلاق سراح العمل التنويرى الابداعى، كتاباً وسنيما ومسرحاً ودراما.
وهو عمل لا يتم من خلال تشريعات او أوامر وقرارات سيادية، والتى تأتى فى نهاية المطاف، وإنما من خلال اعادة التوازن بين مدخلات تشكيل الذهن الجمعى، بغير ان تتغول احداها على غيرها.
وهو أمر سيقابل بمقاومة ورفض من تلك التى أعيدت الى حجمها السوى، دفاعاً عما فقدته من سلطة وسطوة ونفوذ.
وربما تحتمى بتوافقات مع الأنظمة التى توظفها فى تبادلية انتهازية كحائط صد لتمرير اخفاقها فى مهامها.
لذلك فترسيخ مفهوم المواطنة وترجمتها الى حياة أمر يحتاج الى حراك تنويرى ثقافى وتعليمى، والى حراك سياسى وتشريعى.