الأب رفيق جريش
موقعة البيت الأبيض التى تمت يوم ٢٨ فبراير ٢٠٢٥ والتى تمت بين الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى من ناحية والرئيس الأمريكى ترامب ونائبه وصحفى أحرج الرئيس الأوكرانى فى ملبسه من ناحية أخرى، والتى تخرج عن كل الأعراف الدبلوماسية من الجميع فلسنا مع طرف ضد طرف ولكن الجميع خسر مصداقيته أمام أعين العالم وإن كان الكرسى الذى بجوار الرئيس ترامب أصبح نكبة على كل من يجلس عليه بدءًا من الرئيس الفرنسى ماكرون، فرئيس الوزراء الإنجليزى الذى استغل البرود الإنجليزى الشهير لتفادى لكمات ترامب فهذه التصرفات كاشفة وهى أن الولايات المتحدة لم تعد «يؤتمن» لها فى أقوالها أو تصرفات حكامها.
كما أصبح من الواضح أن مصر وهى جزء من البحر المتوسط التى تطل عليه بجانب كونها ذات عمق إفريقى علينا أن نعزز العلاقات الاستراتيجية مع أوروبا وتوظيف السياسة الخارجية المصرية الفاعلة لدعم التنمية فى الداخل بما يعود فى نهاية المطاف إيجابيًا على المواطن المصرى، وتحسين مستوى معيشته ولعل زيارات السيد الرئيس لأوروبا فى الآونة الأخيرة انعكاس لهذه السياسة.
فالعلاقات بين أوروبا'>مصر وأوروبا تتميز بخصوصية كبيرة تنبع من المصالح المشتركة بين ضفتى المتوسط، كما لها تاريخ طويل. وقد شهدت تلك العلاقات طفرة كبيرة فى السنوات القليلة الماضية فى جميع المجالات، حيث توجت بالارتقاء إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية فى مارس من العام الماضى وهو ما يعكس حرص الطرفين على تطوير وتعزيز تلك العلاقات بشكل مستمر، سواء على مستوى العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى كمجموعة واحدة أو على مستوى العلاقات بين مصر والدول الأوروبية بطريقة واحد لواحد، واقتصاديًا يعد الاتحاد الأوروبى الشريك التجارى الأول بجانب السياحة الشرق أوسطية التى تستضيفها مصر، كما أن هناك مجالات كثيرة للتعاون، حيث تعد مصر بيئة واعدة وجاذبة للاستثمارات الأوروبية، خاصة فى المشروعات القومية العملاقة مثل الكهرباء والغاز ومحور التنمية فى قناة السويس وغيرها.
سياسيًا، يمثل التنسيق المصرى الأوروبى أهمية كبيرة فى تحقيق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط، حيث تتوافق مواقف أوروبا'>مصر وأوروبا فيما يتعلق بضرورة الحل السياسى الشامل للقضية الفلسطينية عبر حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وهو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار ومصالح جميع الأطراف بما فيها الجانب الأوروبى، ولذلك تدعم أوروبا مصر فى جهودها، سواء فى تثبيت وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية خاصة فى ظل سياسة التجويع التى تقوم بها حكومة الاحتلال الإسرائيلى ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة أو فيما يتعلق بالمسار السياسى وحل الدولتين، وهنا يبرز دور أوروبا سواء علانية أو فى المحافل الدولية، فى عملية إعادة إعمار قطاع غزة. كما يبرز التنسيق المصرى الأوروبى فى مواجهة التحديات المختلفة خاصة مواجهة الإرهاب والهجرة غير القانونية والتى شكلت ضغطا كبيرا على الجانب الأوروبى والذى يقدر بشكل كبير الدور المصرى فى معالجة تلك المشكلة عبر تجفيف منابع الهجرة غير المشروعة من خلال إنهاء الحروب والصراعات الأهلية، وتعزيز التنمية فى بلاد الشرق الأوسط وإفريقيا.
أوروبا هى الجارة المباشرة لمصر والجميع اليوم فى حالة ترتيب أوراق سياسته بعد أن كشر الرئيس الأمريكى عن أنيابه للجميع وضد الجميع وهذا ما كشفته السياسة المصرية الحكيمة مبكرًا فمصر وشعب مصر تعرف قدر ذاتها وتحافظ على كرامتها وتعرف من هم الأصدقاء وحدود التعامل مع الجميع.
نقلا عن المصرى اليوم