(1809 -1852 )
عرض/ ماجد كامل
يمثل الأديب الروسي العالمي نيقولاي جوجول ( 1809- 1852 )  أهمية كبيرة في تاريخ الأدب العالمي بصفة عامة والأدب الروسي بصفة خاصة  .  ويرجع ذلك إلي القيمة الأدبية  الكبري التي يحتلها الأديب الروسي الكبير  إلي الحد الذي دعا أديب عالمي كبير  في حجم "ديستوفسكي " (1821 – 1881 )  أن يعترف في تواضع  ويقول "كلنا خرجنا من معطف جوجول   "
 
، ومن أعمال جوجول الشهيرة رواية "المعطف" ، وهي تروي سيرة موظف يعمل في أحد المصالح الحكومية بموسكو في نسخ الأوراق ؛ وكان قصير القامة أصلع الرأس ؛وبالرغم من تفانيه وإخلاصه في العمل إلا أنه لم يحظ بأحترام أحد لا من الرؤساء ولا من الموظفين ؛ حتي السعاة والفراشين  كانوا لايكترثوا به ، ولا يعيرونه أي إهتمام  ، وكان الموظفون يرمون الورق المطلوب نسخه أمامه بمنتهي قلة الذوق . 
 
  ولم يكتفوا بذلك ؛بل كانوا دائمي السخرية والتهكم عليه ؛وكان غالبا ما يقابل سخريتهم وتهكمهم بالصمت والتجاهل ، إلا في لحظات قليلة عندما يطفح به الكيل كان يصرخ فيهم 
 
قائلا "دعوني في حالي ،لماذا تهينوني ؟ "  . وكان  يرتدي معطفا قديما بهت لونه وبلي صوفه من كثرة الرقع التي عملت به ،وذات توجه إلي الترزي وطلب منه ترقيع المعطف حتي يستطيع تحمل البرد القاسي في موسكو ،  ولكن الترزي أخبره أن المعطف قد بلي من كثرة الإستعمال ولا يصلح للرتق ، ولا يوجد أمامه إلا تفصيل معطف جديد ،  فأسقط الموظف في يده ، من أين له ثمن تفصيل المعطف الجديد وهو الموظف ذو المرتب البسيط ؟ وعندما أخبره الترزي أنه لا يوجد حل آخر ؛ سأله وكم يتكلف ثمن المعطف الجديد؟ أجابه 150 وربما تصل إلي 200 روبل ؛ وعبثا جاءت محاولات الموظف لتقليل المبلغ المطلوب ، 
 
وعندما فتح حصالته وجد بها حوالي 40 روبل فقط  ، فأضطر الي ضغط نفقات إنفاقه إلي أقصي حد ممكن  ،  وبعد ما توفر له المبلغ المطلوب ذهب إلي الترزي وتم تفصيل المعطف له ،  وعندما ذهب إلي العمل بالمعطف الجديد فرح به الموظفون وطلبوا منه إقامة حفل إبتهاجا بالمعطف الجديد ،  ولكن رئيس القلم في المصلحة أحس بالحرج الذي وقع فيه الموظف ؛فتطوع  للقيام بهذه الحفلة ودعا جميع الموظفين إلي الحفل ،  وتوجه صاحبنا إلي الحفل بالمعطف الجديد،  ولكن لسؤ الحظ وهو يغادر المنزل ؛خرج عليه مجموعة من اللصوص وضربوه وسرقوا منه المعطف ،
 
وعندما قدم بلاغ إلي مدير الأمن بواقعة السرقة فوجيء به يقابله مقابلة جافة ويطرده من أمامه كما لو كان يكذب عليه بواقعة السرقة ،  ووصل الموظف إلي منزله وهو في حالة ذهول وأصابته نوبة حمي شديدة وأخذ يهذي بكلام لا معني له ، ثم توفي بعدها بثلاثة أيام ،وفجأة أنتشرت شائعة في البلد كلها بظهور شبح علي شكل الموظف يقول " أعيدوا لي المعطف المسروق" ، وذات ليلة وبينما  كان مدير الأمن يسير في عربته فوجيء بشبح الموظف يقتحم موكبه ( كما لو كان صوت الضمير في داخله )؛ ويقول له "لماذا تخاذلت عن  إعادة معطفي المسروق  ؟ لماذا لم تنصفني ؟ أعطني معطفك  إذن عوضا عن المعطف المسروق" ؛ ولقد أستوعب مدير الأمن الدرس بعدها وتعلم كيف يحترم صاحب كل بلاغ ؛ويعطي كل واحد حقه كما ينبغي مهما كان صغيرا أو ضعيفا  .