د.أمير فهمى زخاري
هناك بعض المقولات التي نرددها دون أن نعرف قصتها مثل مقولة ( لا يفتى ومالك في المدينة)، وتقال عندما يكون الحكم نهائي وعند التفوة التي ليس بعدها فتوى، وذلك لحكمة الامام مالك، حيث كلما اختلف أهل المدينة في أي أمر ديني أو فتوى يذهبوا إلى الإمام مالك لكي يسألوه، ويقولون كيف نختلف وبيننا الامام مالك.
الإمام مالك بن أنس هو ثاني الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وهو صاحب المذهب المالكي في الفقه الإسلامي.
اشتُهر بعلمه الغزير وقوة حفظه للحديث النبوي وتثبُّته فيه، ويطلق عليه «إمام دار الهجرة» وهي المدينة المنورة، وقد أثنى عليه كثيرٌ من العلماء منهم الإمام الشافعي بقوله: «إذا ذُكر العلماء فمالك النجم، ومالك حجة الله على خلقه بعد التابعين»..
وأما لماذا قيل: لا يفتى ومالك في المدينة ؟ فإن لها قصة طريفة وغريبة في آن واحد.
فقد روي أن سيدة توفيت في المدينة المنورة والتي جيء لها بمغسلة لتغسلها ولما وضع الجثمان ليغسل فحينما صب الماء من المغسلة على جسد الميتة وذكرتها بسوء أخلاقها فالتصقت يد المغسلة بجسم الميتة بحيث أصبحت لا تقوى على تحريكه ... فأخذوا رأي العلماء هل تقطع يد المغسلة لدفن الميتة لأن دفن الميت أمر واجب، وقال بعضهم بل نقطع قطعة من جسد الميتة لنخلص المغسلة لأن الحي أولى من الميت واحتدم الخلاف وكل هذا بسبب كلمة قيلت ولكنها كلمة ثقيلة...قال فيها الرسول عيه الصلاة والسلام (إن قذف المحصنة يهدم عمل مئة سنة) رواه الطبراني...
أما علماء المدينة فقالوا كيف نختلف وبيننا الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه، فذهبوا إليه وسألوه...
وإذا بالإمام يأتي على جناح السرعة وبينه وبين المغسلة والميتة باب، وسألها من وراء حجاب وقال لها: ماذا قلت في حق الميتة؟ قالت المغسلة: يا إمام رميتها بالزنا. فقال الإمام مالك رضي الله عنه: تدخل بعض النسوة على المغسلة وتجلدها ثمانين جلدة مصداقاً لقوله تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون).
فدخلت النساء وجلدن المرأة المغسلة القاذفة وبعد تمام الثمانين رفعت يدها عن جسد الميتة ومن هنا قيل لا يفتى ومالك في المدينة.
وهذه القصة أوردها ابن حجر الهيتمي الشافعي في تحفة المحتاج بصيغة ( حكي ) التي تدل على التضعيف، وقال عنها ( غريبة ) ، وذكر الذهبي في السير عن ابن وهب قال : حججت سنة ثمان وأربعين ومائة وصائح يصيح: لا يفتي الناس إلا مالك بن أنس، وابن الماجشون . اهـ .
وانظر الفتوى رقم : 46760 ، في ترجمة الإمام مالك رحمه الله .
والى اللقاء فى مثل جديد وأصله ... تحياتى.