محرر الأقباط متحدون
بدأ المسلمون حول العالم بإحياء شهر رمضان يوم أمس السبت، وهو زمن يتميز بالصوم والصلاة وبالقيام بأعمال الخير. للمناسبة أجرى موقعنا الإلكتروني مقابلة مع عالم المجتمع ومدير "معهد تيفيريه للحوار" مصطفى سيناب أيدين الذي سلط الضوء على تزامن شهر رمضان مع زمن الصوم الذي يبدأ في الخامس من آذار مارس الجاري، وكأنه عناق بين أبناء إبراهيم الذين يسيرون معا في مسيرة مشتركة.
قال السيد أيدين إن شهر رمضان وزمن الصوم يشكلان بالنسبة للمسلمين والمسيحيين على حد سواء مناسبة للتأمل العميق في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، موضحا أنه زمن صوم وتأمل بالنسبة لأتباع الديانتين المدعوين إلى التفكير بمعنى الوجود، وبعلاقة الإنسان مع خالقه ومع الخلق أيضا.
واعتبر أن هذه الصدفة تعانق المؤمنين الذين ينبغي أن يعيشوا مع بعضهم البعض كأخوة، وأبناء لأب المؤمنين إبراهيم، وهم يتابعون السير معاً على الدرب نفسها. ورأى أن وثيقة الأخوة الإنسانية والعيش المشترك التي وقعها البابا فرنسيس وشيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب في أبو ظبي عام ٢٠١٩ تشكل خير دليل على هذه المسيرة المشتركة، مضيفا أن هذا الزمن يمكن أن يساعد المسلمين والمسيحيين على فهم التساؤلات الأساسية بشأن الحياة بصورة أفضل.
وذكّر أيضا بأن الصدف لا تقتصر على شهر رمضان وزمن الصوم إذ إن الفصح الكاثوليكي سيتزامن مع الفصح الأرثوذكسي في العشرين من أبريل نيسان المقبل، كما أن اليهود سيحتفلون بفصحهم من الثاني عشر وحتى العشرين من الشهر نفسه. واعتبر أن هذا العام سيشهد مناسبات عدة للتعاون المشترك بين أتباع الديانات التوحيدية الثلاث، أيضا على صعيد الحياة الروحية.
في سياق حديثه عن معنى الصوم الذي يمارسه المسيحيون والمسلمون على حد سواء، قال السيد أيدين إن هذه الممارسة لا تقتصر فقط على تهذيب الذات، إذ لا بد أن يُنظر إليها كفترة هامة جداً لفهم الروحانية بشكل أفضل. وأوضح أن المسلمين، ومنذ الليلة الأولى من شهر رمضان، يتلون صلوات محددة، ويكرسون أوقاتاً للتأمل في مواضيع عدة من بينها نص القرآن الذين يقدم صفات كثيرة وجميلة جداً عن الله. وأشار إلى أنه يوم الأربعاء المقبل، الخامس من الجاري، سيحتفل المسيحيون بأربعاء الرماد، الذي يشكل بداية لمسيرة من الصوم تستمر أربعين يوماً وصولا إلى عيد الفصح، معتبرا أن أيام الصوم، بالنسبة للمسيحيين والمسلمين، تشكل أيضا فرصة للولادة الجديدة، ولفهم حقيقة وجودنا والمساعدة التي ينبغي أن نوفرها للقريب.
لم تخل كلمات السيد أيدين من الحديث عن وثيقة "في عصرنا" التي صدرت عن المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، لستين سنة خلت، وشكلت بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية بدايةً للحوار مع باقي الديانات. وجاء في الوثيقة المجمعية التي وقع عليها البابا بولس السادس في الثامن والعشرين من تشرين الأول أكتوبر ١٩٦٥ أن المسلمين يقدّرون الحياة الخلقية ويعبدون الله، لاسيما من خلال الصلاة والإحسان والصوم.
ومن هذا المنطلق لفت عالم المجتمع إلى أن شهر رمضان يشكل مناسبة أيضا لممارسة الإحسان تجاه القريب الفقير والمحتاج، وهذا هو أيضا شكل من أشكال الصلاة التي يرفعها المؤمن إلى الله. فالصلاة يمكن أن تكون شفويةً عندما يتوجه المؤمن إلى ربه ويطلب منه التدخل لصالح الخير، ويمكن أن تكون عبارة عن أعمال ملموسة تهدف إلى بناء السلام في المجتمع وحلّ الصراعات، مع الإدراك دائماً أن السلام والمصالحة لا يتحققان بدون إرادة الله، لذا لا بد أن نطلب مساعدته من خلال الصلاة.
في الختام قال السيد أيدين إن فكره يتجه نحو البابا فرنسيس الذي يتلقى العلاج في المستشفى، ويسأل الله أن يمنحه الشفاء العاجل، موضحا أن المسلمين سيصلّون خلال شهر رمضان على نية الحبر الأعظم معربين عن قربهم منه.