الراهب القمص بطرس البرموسي
دكتوراه في تاريخ الاقباط / جامعة الإسكندرية

المسيحية الأرثوذكسية ليست مجرد التزام طقسي أو نظري، بل هي حياة روحية تُبنى على أساس الإيمان، المحبة، والنعمة الإلهية. فالإنسان المسيحي الأرثوذكسي مدعو إلى العيش بحسب الروح، مقتديًا بالسيد المسيح، متمثلاً بالقديسين، ومستندًا إلى تعاليم الكنيسة المقدسة. وتتمثل صفاته في عدة جوانب رئيسية، تشمل الإيمان العميق، المحبة، التواضع، الطاعة، الجهاد الروحي، والاتحاد بالله من خلال الأسرار المقدسة.

صفات الإنسان المسيحي الذي يسلك بروحانية أرثوذكسية (1)

5. الجهاد الروحي والتوبة المستمرة
الحياة المسيحية الأرثوذكسية هي طريق جهاد روحي مستمر ضد الخطية وأهواء النفس. يسعى المسيحي إلى التوبة الحقيقية، ويدرك أن الجهاد الروحي هو جزء لا يتجزأ من مسيرته نحو القداسة. التوبة ليست مجرد مشاعر ندم، بل هي تغيير جذري في الفكر والحياة، كما قال الآباء: "التوبة هي ولادة جديدة".

6. الحياة بالأسرار والاتحاد بالله
الأسرار المقدسة هي الوسيلة الأساسية التي يقترب بها الإنسان المسيحي من الله. فالقداس الإلهي، التناول من جسد ودم المسيح، الاعتراف، الصلاة، والصوم، كلها وسائل للنمو الروحي والتجديد الداخلي. من خلال هذه الأسرار، ينال المؤمن نعمة الله التي تقويه في مسيرته الروحية.

7. الصلاة الدائمة والاتحاد بالله
الصلاة هي حياة المسيحي، وهي وسيلة الاتحاد بالله. فالإنسان الأرثوذكسي يسعى ليعيش الصلاة الدائمة، مستعينًا بصلاة يسوع: "يا رب يسوع المسيح، ارحمني أنا الخاطئ". الصلاة تمنح القوة والسلام الداخلي، وتجعل الإنسان في حالة تواصل مستمر مع الله.

8. السعي إلى القداسة والقدوة الصالحة
المسيحي مدعو إلى السعي نحو القداسة، مقتديًا بالقديسين الذين سبقوه في طريق الإيمان. لا يقتصر الأمر على السلوك الشخصي، بل يمتد ليكون قدوة صالحة للآخرين، في حياته العائلية، الاجتماعية، والكنسية.

خاتمة
الحياة المسيحية الأرثوذكسية ليست مجرد التزام خارجي، بل هي طريق روحي عميق يقود الإنسان إلى الاتحاد بالله. فالإنسان المسيحي الذي يسلك بروحانية أرثوذكسية يتميز بالإيمان، المحبة، التواضع، الطاعة، والجهاد الروحي، مستعينًا بالأسرار المقدسة والصلاة الدائمة. بهذه الطريقة، يحقق هدف حياته الأسمى: الحياة مع الله في النعمة والقداسة.