بقلم: أندرو اشعياء
" ذات يوم كان ثعلب يمشي بمجازاة نهر فوقعت عيناه على بعض الأسماك تسبح معًا مسرعة ومذعورة في أسراب من مكان لمكان، فقال الثعلب للأسماك: «ممن تهرولون مذعورين؟» فأجابوه: «من الشباك المنصوبة لنا من البشر» فقال لهم: «هل تحبون أن تصعدوا اليَّ لنعيش معًا على هذه الأرض الجافة بعيدًا عن مطاردة البشر لكم؟» فأجابوه: «لا تكن غبيًا وأنت المدعو الأذكى بين الحيوانات إذ إن كنا خائفين في الوسط الذي نعيش فيه، فكم بالحري في الوسط الذي نموت فيه؟!» ".
روى هذه القصة أو المثل الرابي عقيبا حين سألوه أن دراسة التوراة تُسبب لليهود ضررًا، وإن كان لا يخشى من السلطة الرومانية.
ومِن هذا المثل يتضح أيضًا:
- فيما كان بعض الرابيين ينتهجون مسلك الفخر بالمجاهرة بالتعليم اليهودي، وقعوا في التأثر أيضًا بالثقافة الهيلينية باستخدامهم بعض مِن أشكال الأساطير في سردهم للأمثال (اسماك لها مشكلة ترويها، وثعلب يحاورهم)، وهذا ما لا نجده مُطلقًا في أمثال السيد المسيح التي كانت لها طابع خاص من واقعية وهدف.
- نفهم أيضًا لماذا تأثر اليهود بأمثال السيد المسيح التي لم تتأثر بالثقافة الهيلينية، وكيف كان يكلمهم كمَن له سلطان، وكيف بهتوا من تعاليمه.
- كان الشعب اليهودي في خلل ما بين قبول تعاليم اليهود وعدم الاحتكاك بالسلطة الرومانية، وهذا ما يثير فهمنا لمدى تقبلهم لتعاليم السيد المسيح النابعة مِن قوة قائلها.
- بالغ الرابيون في استخدام الأمثال إذ وضعوها خلال سياق يشرح نفسه لا يحتاج إلى هذا التفسير.
- المثل لا يتطابق إطلاقًا مع الواقع: المثل شبه اليهود بالأسماك، والثعلب في خبثه وخداعه بالسلطة الرومانية؛ في حين أن اليهود هم مَن استخدموا الرياء والخنوع في التعامل مع السلطة الرومانية بخلاف ما ذكره المثل..
- كثرة استخدام الرابيين للأمثال افقتدها قيمتها لدى الشعب، وخصوصًا كونها لا تتطابق في تفاصيلها مع الواقع أو احتياجات الشعب العميقة.
- استخدم الرب يسوع أمثالًا أكثر واقعية ، لم تتأثر بالثقافة الهيلينة، بالإضافة أن كلامه حمل قوة شخصه..
- عاش اليهود موقف الضحية ما بين مطاردة رؤساء الكهنة اثقال الناموس لهم (الأسماك تفزع بعضها البعض) وبين السلطة الرومانية الحاكمة.. في أمثالهم لم يجدوا مخرج لضيقهم حسب ظنهم!!