كمال زاخر

[2]
تخوفات الأقباط من الذوبان وفقد الهوية القبطية، والقائمة حتى الأن، لم تكن وليدة الزمن القريب، بل هى نتاج مراكمات وخبرات تاريخية مؤلمة، بدأت عقب مجمع خلقيدونية المسكونى (451م.) والذى كان بداية الإنشقاق فى الكنيسة الجامعة، وكان قرارنا عدم الاعتراف بهذا المجمع ومقاطعة اليونانية لساناً وفكراً، لنبدأ مرحلة بناء لاهوت بلسان قبطى، وتتغير لافتتنا من كنيسة الأسكندرية إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وفى المقابل تقرر الكنائس الخلقيدونية عدم الاعتراف بشرعية كنيستنا، واعتبروا الكنيسة الملكانية فى الاسكندرية هى الشرعية وحتى اليوم.

سبق ذلك التراجع الاجبارى لترتيبنا بين الكراسى الرسولية من المرتبة الثانية التى احتلتها كنيسة القسطنطينية الناشئة بقرار امبراطورى باعتبارها كرسى عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية، لنذهب نحن الى المرتبة الثالثة.

يعقب ذلك تحولنا بعد القرن العاشر الى كنيسة أقلية بعد ذهاب الغالبية الى الإسلام، وصرنا تحت الحكم الاسلامى، الذى تقلبت فيه الأنظمة والحكام، لنعيش أسوأ مرحلة تحت الحكم العثمانى المظلم، والذى مد قهره وسطوته إلى عموم مصر ليفرغها من عقولها وعمالتها المتميزة ويرسلها الى عاصمته "الأستانة"، ويتركها تقتات على الخرافة، وندخل فى نفق مظلم ممتد.

حتى تباغتنا الحملة الفرنسية (1798 ـ 1801م.)، والتى اهتمت أن تكتشف مصر مجدداً فعمل علماؤها على فحص ورصد كل صغيرة وكبيرة فيها، وسجلت كل هذا فى أحد أهم المراجع العلمية والحياتية "مجموعة مجلدات (وصف مصر) والتى بلغت نحو 20 مجلداً".

وفى المجلد الأول (المصريون المحدثون) يرد وصفاً لأقباط مصر وكنيستهم، بأنهم "طائفة من الهراطقة يتبعون آراء أوطاخى ونسطوريوس (!!!)، وينكرون الطبيعة المزدوجة للمسيح، ويعتبرون انفسهم أحفاداً للمصريين القدماء، ويستطرد الكاتب: ولعل بمقدورنا أن نفترض أن جنسهم قد استطاع أن يظل نقياً بعيداً عن الاختلاط بالإغريق إذ ليس بينهما أيّ ملمح من تشابه.

وينتهى الكاتب بعد أن يصف كنائس وأديرة ومعيشة الأقباط إلى أنهم ـ أى الأقباط ـ أمكنهم أن يتماسكوا فى شكل أمة متحدة داخل بلد مهزوم، ويعطى مجتمعهم الصغير لمصر ـ بفضل بعض الأنظمة المقتبسة من القيم الإنجيلية ـ مظهراً من مظاهر الاتحاد والوفاق والألفة، وهو أمر نادر فى تلك البلاد التى نُكبت بالطغيان والاستبداد".

كان دفاع الأقباط عن هويتهم وايمانهم، هو التحصن بالانكفاء على الذات ومحاولة اعادة بناء لاهوت سكندرى على ما توفر لدينا من اصول يونانية وقبطية واللتان انقطعنا عنهما مع التحول القسرى للعربية، على الرغم من ان كنيستنا أسست واحدة من أهم المدارس اللاهوتية "مدرسة الاسكندرية اللاهوتية" مع مجئ القديس مرقس ببشارته، وقدمت للكنيسة الجامعة العديد من المباحث اللاهوتية والعقائدية، وكانت الكنيسة تختار بطاركتها واساقفتها من مديريها وعلمائها، وعندما تعرضت المدرسة للهجوم، حمل علماؤها كتبهم وابحاثهم وكنوزهم المعرفية ولجأوا للأديرة، يتحصنون بأسوارها ومواقعها البعيدة فى عمق الصحراء، واستمرت الكنيسة تختار قياداتها من تلاميذها حتى بعد أن صاروا رهباناً.

لكن دورة الزمن وما اصاب مصر من تراجعات وانقطاعات معرفية انعكس على الكنيسة وعلى الأديرة، التى صارت شبه خاوية تضم نفرٌ من البسطاء الذين لا يدركون قيمة الكنوز التى تختزنها اقبيتها وخزائن كتبها، حتى انهم كانوا يستخدمونها وقوداً فى افرانهم البدائية، وهنا نذكر دور المستشرقين الأوائل الذين انتبهوا لهذه الذخائر، فعكفوا على طرق ابواب الأديرة ونسخها، واعطاء النسخ الجديدة للرهبان فى مقابل اخذ تلك الرقوق القديمة، الأمر الذى ابهج الرهبان البسطاء فكانوا يودّعونهم مصحوبين بأحر الدعوات وفيض الصلوات، واعتمرت مكتبات الجامعات الكبرى فى العالم المتحضر والمتاحف الأشهر بتلك المخطوطات، وأبقى لنا الله بقية نعود اليها ونغترف من غناها فى سعى استرداد وعينا.

لذلك كانت الكنيسة تنتفض مع كل اقتراب من العائلة الخلقيدونية كانت المرة الأولى فى تاريخنا المعاصر رفض المجمع للتعامل مع البابا يوساب الثانى على خلفية دراسته باليونان مبعوثاً من مدرسة الرهبان بحلوان ـ تم اغلاقها فى حبرية البابا كيرلس السادس وتحولت الى مقر اقامة اسقف حلوان ـ وان تم تصدير ازمة البابا يوساب على انها بسبب تلميذه ملك وادعاء سيطرته على ادارة الكنيسة، بينما يحسب لهذا البابا دعمه للمنظومة التغليمية ورعاية وتطوير المدرسة الاكليريكية وافتتاح معهد الدراسات القبطية واسناد مهمة التعليم فيه لاساتذة جامعيين ثقاة كل فى تخصصه واللافت ان ثلاث جبهات تحالفت ضده لعزله؛ مجمع الاساقفة، وجماعة مدارس الأحد، وجماعة الأمة القبطية، وانتهى الامر الى تحديد اقامته بالمستشفى القبطى وما لبث أن وافته المنية.

وكانت المرة الثانية حين قرر البابا شنودة الثالث زيارة الفاتيكان وتمت الزيارة فى 10 مايو 1973 وفي ختام تلك الزيارة، صدر عنها بيان مشترك، واتُّفق على تشكيل لجان للحوار، كما تسلّم البابا شنودة الثالث جزءًا من رفات القديس أثناسيوس. وتم فيها توقيع وثائق ايمانية تؤكد على االمشتركات الإيمانية بين الكنيستين، وانهما اتفقا على فحص ودراسة الخلافات والتى فى كثيرها ناتجة عن اختلاف اللغة بين اليونانية والاتينية، وان الكنيستين ستواصلان السعى للتقارب، وعندما عاد ووجه بعاصفة من الرفض من شيوخ المجمع يتقدمهم اسقف دير السريان الذى كان البابا يهابه، لينتهى الأمر الى تجميد الاتفاقية، واستبدالها بجلسات التقارب المسكونى النمطية الممتدة.

(نص الوثيقة ملحق بهذا المقال)
وكانت المرة الثالثة حين سعى البابا تواضروس لاستكمال ما دشنه البابا شنودة بزيارة الفاتيكان يوم 10 مايو 2023، بالتزامن مع احتفال الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية بمرور 50 عاما على «يوم الصداقة» اليوم الذى زار فيه البابا شنودة الفاتيكان، وعودة العلاقات بين الكنيستين، وقام بابا الفاتيكان، البابا فرانسيس، بزيارة لمصر، 28 ابريل 2017، اثمرت توقيع اتفاقية تقارب بين الكنيستين وتقضى بعدم اعادة معمودية أياً من ابناء الكنيستين عند انضمامه للكنيسة الأخرى، فانتفض صقور المجمع واعلنوا رفصهم للاتفاقية وكاد سيناريو البابا يوساب ان يتكرر، لتعلن الكنيسة القبطية أن لبساً قد حدث فيما أُعلن بهذا الصدد وان النص الأصلى يتضمن (السعى جاهدين لعدم إعادة المعمودية بين كنيستينا في حالة رغبة أحد المسيحيين في الانضمام للكنيسة الأخرى).

ويبقى السؤال ماذا حدث لنصل إلى الحالة الراهنة؟، هذا ما سنحاول الإجابة علية فى مقال تال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
” نص البيان المشترك “الصادر عن لقاء  بابا الاسكندرية البابا شنوده وبابا روما البابا بولس السادس في مايو 1973م .
(منقول من موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية)
بولس السادس أسقف روما وبابا الكنيسة الكاثوليكية ، وشنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرسى المرقسى يقدمان الشكر لله فى الروح القدس . إذ أنه بعد عودة رفات القديس مرقس إلى مصر قد نمت العلاقات بين كنيستى روما والإسكندرية، وازدادت بعد ذلك الحدث العظيم حتى أمكن الآن أن يصير بينهما لقاء شخصى وهما يرغبان فى ختام اجتماعاتهما ومحادثاتهما أن يقررا معًا ما يلى :
لقد تقابلنا معًا تحدونا الرغبة فى تعميق العلاقات بين كنيستينا ، وإيجاد وسائط واضحة المعالم وفعالة للتغلب على العقبات التى تقف عائقًا فى سبيل تعاون حقيقى بيننا فى خدمة ربنا يسوع المسيح الذى أعطانا خدمة المصالحة لنصالح العالم فيه ( كورنثوس الثانية 5 : 18 – 20 ).

وطبقًا لتقاليدنا الرسولية المسلمة لكنيستينا والمحفوظة فيهما ، ووفقًا للمجامع المسكونية الثلاثة الأولى، نقر أن لنا إيمانًا واحدًا بإله واحد مثلث الأقانيم، وبلاهوت ابن الله الوحيد الأقنوم الثانى من الثالوث القدوس كلمة الله، وضياء مجده وصورة جوهره، الذى تجسد من أجلنا متخذًا له جسدًا حقيقيًا ذا نفس عاقلة، وصار مشاركًا إيانا إنسانيتنا، ولكن بغير خطيئة.

ونقر بأن ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح إله كامل من حيث لاهوته، إنسان كامل من حيث ناسوته. وأن فيه قد اتحد اللاهوت بالناسوت اتحادًا حقيقيًا كاملًا بغير اختلاط، ولا امتزاج، ولا تشويش، ولا تغيير، ولا تقسيم، ولا افتراق. فلاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة أو طرفة عين. وأنه وهو الإله الأزلى الأبدى غير المنظور صار منظورًا فى الجسد واتخذ صورة عبد، وفيه قد حفظت كل خصائص اللاهوت، وكل خصائص الناسوت جميعًا باتحاد حقيقى كامل، اتحاد لا يقبل التجزئة أو الانقسام ولا يقبل الانفصال.

نؤمن معًا أن الحياة الإلهية تمنح لنا بواسطة أسرار المسيح السبعة فى كنيسته. وأن تلك الحياه الإلهية تنمو فينا وتغتذى بهذه الأسرار وهى : المعمودية ، الميرون (التثبيت) ، الإفخارستيا (القربان المقدس) ، التوبة ، مسحة المرضى ، الزيجة ، الكهنوت .

ونحن نكرم العذراء مريم أم النور الحقيقى ونعترف أنها دائمة البتولية ، وأنها والدة الإله ، وأنها تشفع فينا ، وأنها بصفتها والدة الإله ( ثيؤتوكوس ) تفوق فى كرامتها كرامة جميع الطغمات الملائكية.

ونحن لنا إلى حد كبير مفهوم واحد للكنيسة وأنها مؤسسة على الرسل . والدور الهام الذى للمجامع المسكونية ، والمحلية . ولنا معًا روحانيتنا التى تعبر عنها طقوسنا خير تعبير ، كما يعبر عنها القداس الإلهى تعبيرًا عميقًا . لأن القداس هو مركز وجوهر عبادتنا الجماعية، وهو قمة اتحادنا وشركتنا مع المسيح فى كنيسته . ونحن نحفظ الأصوام والأعياد التى يأمرنا بها ديننا.

ونكرم ذخائر القديسين، ونستشفع بالملائكة وبالقديسين الأحياء منهم والمنتقلين، هؤلاء يؤلفون سحابة من الشهود فى الكنيسة وهم ونحن ننتظر – فى رجاء – المجئ الثانى لربنا عند استعلان مجده ليدين الأحياء والموتى .
ونحن نعترف بكل اتضاع أن كنائسنا غير قادرة على أن تشهد للحياة الجديدة فى المسيح بصورة أكمل بسبب الانقسامات القائمة بينها ، والتى تحمل وراءها تاريخًا مثقلًا بالصعوبات لعدة قرون مضت. والواقع أنه منذ عام 451 م لميلاد المسيح نشبت خلافات لاهوتية امتدت واتسعت شقتها بفعل عوامل غير لاهوتية . هذه الخلافات لا يمكن تجاهلها . وعلى الرغم من تلك الخلافات، فنحن نعيد اكتشاف أنفسنا، فنجد أن بين كنيستينا تراثًا مشتركًا ونحن نسعى بعزم وثقة فى الرب أن نحقق كمال تلك الوحدة وتمامها ، هذه الوحدة التى هى عطية من الرب.

ولكى ما نتمكن من إنجاز هذا العمل ، نشكل لجنة مشتركة من الكنيستين مهمتها التوجيه لدراسات مشتركة فى ميادين : التقليد الكنسى ، وعلم آباء الكنيسة، والطقوس، وخدمة القداس (الليتورجية ) واللاهوت، والتاريخ، والمشاكل العلمية، وهكذا بالتعاون المشترك يمكن أن نتوصل إلى حلول للخلافات القائمة بين الكنيستين بروح التقدير المتبادل. ونستطيع أن ننادى بالإنجيل معًا بوسائل تتفق مع رسالة الرب الأصيلة وتتناسب مع احتياجات العالم المعاصر واّماله. ونعبر فى نفس الوقت عن تقديرنا وتشجيعنا لأى جماعات أخرى من الدارسين ومن الرعاة من بين الكاثوليك والأرثوذكس، ممن يكرسون جهودهم فى نشاط مشترك فى الميادين المذكورة وما يتصل بها.

وإننا فى إخلاص وإلحاح نذكر أن المحبة الحقيقية والمتأصلة فى أمانة كاملة للرب الواحد يسوع المسيح ، واحترام متبادل من كل طرف لتقاليد الطرف الآخر، هى عنصر جوهرى فى السعى نحو الشركة الكاملة.

إننا بإسم هذه المحبة نرفض كل صور الجذب من كنيسة إلى أخرى، وننبذ أن يسعى أشخاص من إحدى الكنيستين إلى إزعاج طائفة من الكنيسة الأخرى وذلك بضم أعضاء إليهم من هذه الكنيسة بناء على اتجاهات فكرية أو بوسائل تتعارض مع مقتضيات المحبة المسيحية، أو مع ما يجب أن تتميز به العلاقات بين الكنيستين. ينبغى أن يوقف هذا الجذب بكل صوره أينما يوجد. وإن على الكاثوليك والأرثوذكس أن يعملوا على تعميق وتنمية التشاور المتبادل وتبادل الرأى والتعاون فى المجالات الاجتماعية والفكرية. ويجب أن يتواضعوا أمام الرب ويتضرعوا إليه، أن يتفضل وهو الذى بدأ هذا العمل فينا أن يؤتيه ثماره .

وإذ نفرح بالرب الذى منحنا بركات هذا اللقاء، تتجه أفكارنا إلى اّلاف المتألمين والمشردين من شعب فلسطين، ونأسف على سوء استخدام الحجج الدينية لتحقيق أغراض سياسية فى هذه المنطقة. وبرغبة حارة نتطلع إلى أزمة الشرق الأوسط  حتى يسود سلام حقيقى قائم على العدل خصوصًا فى تلك الأرض التى تقدست بكرازة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وموته وقيامته، وبحياة القديسة العذراء مريم هذه التى نكرمها جميعًا بصفتها والدة الإله ( ثيؤطوكوس).

ليستجب لنا الله مانح جميع المواهب والعطايا يسمع صلواتنا ويبارك جهودنا.

توقيعات:      
البابا بولس السادس أسقف روما وبابا الكنيسة الكاثوليكية – البابا شنودة الثالث أسقف الإسكندرية وبابا وبطريرك الكرسى المرقسى
الفاتيكان فى 10 مايو سنة 1973م
ولتزايد رباط المحبة بين الكنيستين، فقد أهدى قداسة البابا بولس السادس لقداسة البابا شنودة الثالث والوفد المرافق له، جزءًا من رفات القديس أثناسيوس الرسولى، الذى تم إيداعه فى المزار المخصص له بالكاتدرائية المرقسية بمنطقة الأنبا رويس بالعباسية بالقاهرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بيان صادر عن اللجنة المشتركة للحوار اللاهوتى بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية في 12 فبراير 1988م:
” بمحبة الله الآب ونعمة الإبن الوحيد وموهبة الروح القدس
فى يوم الجمعة 12 فبراير 1988 م اجتمعت اللجنة المشتركة للحوار اللاهوتى بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون بمصر .

افتتح قداسة البابا شنوده الثالث هذا الاجتماع بالصلاة، وقد اشترك فى هذا الاجتماع المونسنيور جيوفانى مورتينى القاصد الرسولى بمصر ، والأب دوبريه السكرتير بسكرتارية الوحدة المسيحية للفاتيكان ، ممثلين لقداسة البابا يوحنا بولس الثانى ومؤهلين من قداسته للتوقيع على هذا الاتفاق. كما حضر أيضًا الأساقفة المعينون من قبل صاحب الغبطة أستفانوس الثانى غطاس بطريرك الأقباط الكاثوليك لتوقيع هذه الاتفاقية .

وقد سَرنا اللقاء التاريخى الذى تم فى الفاتيكان فى مايو سنة 1973 بين قداسة البابا بولس السادس وقداسة البابا شنوده الثالث . وكان هذا هو أول لقاء بين الكنيستين منذ أكثر من خمسة عشر قرنًا من الزمان ، ووجدنا أتفاقًا بيننا فى كثير من نقط الإيمان ، كما تقرر فى ذلك اللقاء تكوين لجنة مشتركة لبحث نقط الخلاف العقائدية والإيمانية بين الكنيستين ،بهدف الوصول إلى الوحدة الكنسية .

وكان قد حدث اجتماع فى فيينا فى سبتمبر سنة 1971 م نظمته هيئة بروأورينتا بين لاهوتى الكنيسة الكاثوليكية ولاهوتى الكنائس الأرثوذكسية الشرقية وهى كنائس الأقباط والسريان والأرمن والأثيوبيين والهنود ، ووصلوا إلى اتفاق فى موضوع طبيعة السيد المسيح ، قبله المجمع المقدس للكنيسة القبطية فى 21 يونيو 1986م .

ونحن نشكر الله أننا الآن يمكننا أن نوقع على صيغة مشتركة تعبر عن اتفاقنا الرسمى بخصوص طبيعة السيد المسيح .

أما باقى نقاط الخلاف بين الكنيستين فستقوم اللجنة العامة للحوار المشترك بفحصها على التوالى بمشيئة الرب.

نص الاتفاق المشترك بشأن طبيعة السيد المسيح :
“نحن نؤمن أن ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح ، الكلمة المتجسد هو كامل فى لاهوته وكامل فى ناسوته ، وجعل ناسوته واحدًا مع لاهوته بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولا تشويش (تداخل) ، وأن لاهوته لم ينفصل عن ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين . وفى نفس الوقت، نحرم كلًا من تعاليم نسطور وأوطاخى” .