حمدى رزق
البيتزا على الطريقة النيويوركية، أشهر أنواع البيتزا عالميا، رقيقة وواسعة وسهلة الطى، تُعجن يدويًا، وتُغطى بصلصة الطماطم، وطبقة خفيفة من جبن «الموزاريلا» المبشور، ومن المستحب إضافات أخرى..
وكأنه يلتهم بنهم شطيرة بيتزا نيويوركية رقيقة الحواف سهلة الطى، يقذفها فى جوفه، جوف الحوت، ويتجشأ فى وجه ضيوفه بفعل الإضافات الأخرى..
المطور العقارى الأمريكى الشهير «دونالد ترامب» شهيته مفتوحة، يظن العالم فطيرة بيتزا بحجم الكرة الأرضية، لا تكفيه قطعة واحدة، يطلبها قطعتين بالإضافات، قطعة ساخنة من أرض مصر، وقطعة من أرض الأردن، وربما ثالثة ورابعة، صلصة الطماطم تسيل لعابه، والموزريلا جد مغرية.
قطعة أرض واحدة لا تكفى، يبتز ملك الأردن «عبدالله الثانى» فى البيت الأبيض ويطلب قطعة من أرض المملكة: «سيكون للفلسطينيين قطعة أرض فى الأردن، وقطعة ثانية فى مصر» !!
دعوت فى سرى خشية خوارزميات «إيلون ماسك» التجسسية، «اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا»، ودعوت للملك عبدالله بالثبات فى مواجهة بلدوزر جامح..
تسع عشرة دقيقة من الأعمال السياسية الشاقة عاناها ملك الأردن فى مواجهة مطور عقارى مطلوق على المنطقة العربية كثور هائج، يقسمها شطائر بيتزا ليلتهمها تباعًا..
الملك الأردنى بالكاد تجنب البلدوزر، والتفت مخاطبا الصحفيين المتلمظين لشطيرة من البيتزا الساخنة: «دعونا ننتظر إلى أن تقدم مصر خطتها للرئيس ترامب.. ثم ننظر فى الأمر».
لله الأمر من قبل ومن بعد، من قبل ذلك ومن بعده، وكان الله فى عون القيادة المصرية، الملك عبدالله ينتظر الرئيس المصرى، والعرب العاربة ملوكا ورؤساء وأمراء ينتظرون قمة مصر بفارغ الصَّبر، بصبر يكاد ينفد، عادة لا يتذكرون مصر ولا يتنادون على دور مصر إلا فى الملمات والنكبات العربية.
كان الله فى عون القيادة المصرية، ربما لم يمر على مصر والمنطقة منذ (نكبة 48) مثل هذا الظرف العصيب، جد مشفق على الرئيس عبدالفتاح السيسى من مغبة لقاء ترامب، ويتمنون ألا يذهب للبيت الأبيض، ترامب رئيس هجام، يباغت ضيوفه، يصدمهم، يحرجهم على الهواء، كما فعل مع الخلوق ملك الأردن الذى استجار بمصر.
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتى العَزائِمُ، الرئيس السيسى قدها وقدود، فقط اجتماع العرب فى قمتهم على موقف واحد موحد، واجتماع الفلسطينيين فى نكبتهم على موقف واحد موحد، توحيد المواقف يجبر الكسور العربية، ولطالما الكل فى واحد لا يقبل القسمة ولا التقسيم ولا التهجير ولا الوطن البديل.
ساعتها من حقكم دام فضلكم، تسألون مصر موقفًا، وخطة، وقيادة، وسيكون هناك موقف وخط أحمر، المطور العقارى لا يهمه الأرواح أو الأوطان، تشغله خيالاته المرضية على سطح الماء ع الواجهة البحرية لغزة على المتوسط..
فى هذه الأيام يتسلط على وجدانى بيتان من شعر طيب الذكر «حافظ إبراهيم» فى ختام أنشودته الخالدة «مصر تتحدث عن نفسها»:
«نحن نجتاز موقفًا تعثر الآراء فيه / وعثرة الـرأى تُردى / فقفوا فيه وقفة الحزم / وارموا جانبيه بعزمة المستعد».
نقلا عن المصرى اليوم