بقلم الراهب القمص يسطس الأورشليمى
كتاب وباحث في التاريخ المسيحى والتراث المصرى
وعضو إتحاد كتاب مصر
يتفرع عن طريق القدس – أريحا الرئيسي بعد حوالي 3 كم من الخان الأحمر طريق ضيق نحو اليسارالى وادي القلط ودير سانت جورج ومن ثم اريحا . وادى القلط عبارة عن انهدام طبيعي ضخم في الصخور يبلغ طوله 45 كم من جبال رام الله الى مدينة اريحا . كانت الطريق الضيقة الحالية الموازية للوادي يوما ما طريقا رئيسيا الى اريحا ، أما اليوم فهي طريق صعبة لا يأتيها الا السياح وذلك بسبب صعوبتها مقارنة مع الطريق الجديد يسلك السياح هذا الطريق لجمال طبيعته ، وللتعرف على الأديرة الكثيرة التى كانت منتشرة فيه يوماً وعلى انظمة المياه التى شيدت في هذا الوادي لنقل مياه ينابيع وادى القلط الى اريحا في فترات مختلفة ابتداء من الفترة الهيلينستية والرومانية وحتى العصر الحديث تعد هذه الأنظمة من اهم وأجمل المشاريع المائية في فلسطين .
تتوفر في الوادي ايضا مسارات طبيعية رائعة للراغبين في المشي ، خاصة المسار من دير القلط إلى تلال أبو العلايق ، وقصر هيرودس الشتوي في اريحا . هذا المسار قصير وسهل نسبياً ، يبلغ طوله حوالي 7 كم ، ويستغرق السير عليه حوالي ساعتين . المسار مخطط وبه إشارات وعلامات للمشاة . يمكن بدء المسار من ينابيع وادي القلط وخاصة من عين القلط ذاتها ، ولكن هذا المسار أطول " حوالي 20 كم " وهو يفتقر إلى العلامات والإشارات التوضيحية .
دير القلط أو دير سانت جورج :
بدأت ظاهرة الرهبنة في مصر في أواخر القرن الثاني او أوائل الثالث الميلاديين ، وانتقلت الى فلسطين وتحديدا في الي برية القدس ، في اوائل القرن الرابع اختار الرهبان والنساك في البداية السكني في الكهوف الكثيرة المنتشرة في الوادى وعاشوا حياة رهبانية انفرادية ، ولكنهم في القرنين الخامس والسادس الميلاديين بدأو يبنون الأديرة الجماعية . بني الرهبان كثيرا من الأديرة في المنطقة خلال هذه الفترة .
جاء في عام 420م خمسة نساك سورين إلى وادي القلط باريحا ، المكان الذي صلى فيه يواقيم لأجل ولادة مريم، حيث كان يقال أن الغربان كانت تأتي إيليا بالطعام، ثم بعد ذلك بنصف قرن أسس احد الحجاج المصريين ديرا للرهبان مسمى باسم (دير خورزييا) ، وفي عام 501م دشن البطريرك الاوشليمي إيليا الكنيسة المقامة في هذا الدير، والتي أصبحت فيما بعد مزارا مريميا مقدسا يقصده الكثير من الزوار، كما عاش في هذا الدير رهبان قدموا من تسالونيكي، ولهذا السبب فقد وجدت مشاهد تمثل القديس ديمتريوس قديس مدينة تسالونيكي، وفيما عدا يندر وجود مثل تلك المشاهد في فلسطين، كما جاء القبرصي جيورجيوس ووقف أمام أبواب دير خورزيبا وكان في الواقع يطلب أن قبوله في دير القلامون حيث كان أخوه هيراطليس يعيش عيشه ناسك متقشف، ولكن طلبة رفض لان شاربه لم يكن قد نبت بعد، ويحكى عنه يوحنا موسخوس أنه كان يجلس القرفصاء على الطريق كي يحمل لوازم الحجاج ويصلح أحذيتهم، أما تلميذه وكاتب سيرته انطونيوس فامتدح محبه جيورجيوس للقريب، تلك المحبة التي لم تكن تعرف حدودا وكانت تعاليمه تلخص فيما يلي لا يوناني لا يهودي ولا سامري يحرم من محبة الله والناس، إذا اتصف بالتقوى الصادقة والرقة .
ويعتقد أن عددها زاد على خمسمائة ولكن الغزو الفارسي لفلسطين عام 614 م ، أي قبل الفتح الإسلامي بسنوات قليلة ، دمر معظم هذه الأديرة وقتل وشرد رهبانها ، بما في ذلك دير القلط نفسه . أما الرهبان كبار السن والضعفاء ممن لم يستطيعوا أن ينقذوا أنفسهم عبر نهر الأردن، فقد اختبئوا في مغارات الديوك غير أن اليهود ارشدوا الفرس إلى مخابئهم، فهلك منهم خلق كثير، أما جيورجيوس فقد نجا وقلب صفحة جديدة بان عاد وبني الدير من جديد .وما زالت الكثير من الجماجم العائدة لهؤلاء الرهبان محفوظة في الدير ، ويمكن مشاهدتها هناك . يعود بناء الدير الجميل الحالي الى العام 1901 م ، وكانت قد شيدته الكنيسة الارثوذكسية اليونانية .
يقيم في الدير اليوم عدد قليل من الرهبان لا يزيد عددهم عن ستة وهم كرماء ويرحبون بالزوار خلال ساعات الزيارة الرسمية بين التاسع صباحاً والثانية عشرة ظهراً ، ويقدمون لهم المشروبات المجانية . ويسمح بزيارة الدير مساءً في اشهر الصيف ، والفترة المسائية هي من الثانية حتى الرابعة مساءً . زيارة الدير مجانية ولكن التبرعات للدير مرحب بها .