مجدي جورج
باحث اقتصاد دولي

اولا نبارك للشعب اللبناني تشكيل حكومته الجديدة برئاسة نواف سلام وذلك بعد فترة من نجاح البرلمان في اختيار رئيس جديد للبنان هو قائد الجيش السابق جوزيف عون وذلك بعد شغور المنصب الرئاسي لاكثر من سنتين ومن المعروف ان هذا هو المنصب الرئاسي الوحيد في المنطقة الذي يظل حكرا على المسيحيين في المنطقة كلها  والتي اصبح وصول المسيحيين فيها لاي منصب كبير ضرب من الخيال .

ثانيا رغم ان منصب الرئيس تم تفريغ صلاحياته في اتفاق الطائف والذي اعطي المزيد من الصلاحيات  لرئيس الوزراء السني ورئيس مجلس النواب الشيعي  علي حساب الرئيس وكذلك ساهم هذا الاتفاق بتقليص مساحة عدد الوزراء المسيحيين ومنع عنهم بعض الوزارات الهامة التي كانت حكرا عليهم سابقا  واعطاها للسنة  والشيعة وذلك بسبب تقلص عدد المسيحيين الموارنه  خصوصا والمسيحيين عموما في لبنان فبعد ان كان عددهم يفوق النصف وصل عددهم وفقا للبعض الي حوالي 40 ٪؜ فقط او اقل .

ثالثا بعد وصول الرئيس جوزيف عون لمنصب الرئاسة تم تكليف نواف سلام سليل عائلة سلام السنية المعروفة والذي كان عمه صائب سلام وابن عمه تمام سلام رؤساء وزارات لبنان في فترات مختلفة . وهو نفسه اكاديمي محترم وسياسي ورجل قانون سابق واخر منصب تقلده هو رئاسة محكمة العدل الدولية التي  استقال منها للعودة للبنان بعد تكليفه بتشكيل وزارتها .

رابعا لم يستغرق نواف سلام منذ تكليفه وحتي نجاحه الا اقل من شهر تقريبا لينجح في تشكيل الحكومة وهذه المدة هي انجاز في حد ذاته لان ولادة الحكومات اللبنانية كانت عسيرة جدا في السابق وتستغرق وقتًا طويلًا جدا احيانا بسبب المناكفات السياسية والطائفية ومحاولة حصول كل حزب علي نصيبه من الكعكة خصوصا الثنائي الشيعي امل وحزب الله اللذان كان يشترطان هم وبعض حلفائهم المسيحيين ( المردة والتيار العوني والطاشناق  ) علي الثلث المعطل بحيث يستطيعا تعطيل وشلل الحكومة في اي وقت وهذا حدث كثيرا .

خامسا بعد هزيمة حزب الله الاخيرة وتدخل  الامريكان بقوة في المعادلة السياسية اللبنانية وقولهم من خلال دبلوماسييهم انه لا مكان لحرب الله في المعادلة كما كان الوضع سابقا  نجحت مساعي نواف سلام في تشكيل حكومة ليس بها ثلث معطل للشيعة رغم معارضة وممانعة نبيه بري رئيس مجلس النواب ورئيس حركة امل الشيعية لانه وجد ان الظروف كلها ضده .

سادسا تم تشكيل الوزارة من تكنوقراط الي حد ما بعيدا عن الاحزاب الي حد ما  رغم ان  نبيه بري وحليفه حزب الله كانا يريدان تسمية خمس وزراء من بينهم  وزير المالية بالذات لانها من اهم الوزارت السيادية ولانها تتحكم في الاموال التي كانت تنفق علي مناصريهم الا ان نواف منعهم من ذلك واختار الرئيس جوزف عون الاسم الخامس بنفسه علي غير رغبة الثنائي الشيعي الذي اختار اربعة اسماء وكان يصر على اختيار الوزير الخامس وهو وزير المالية ولكنه اخيرا رضخ وترك ذلك لرئيس الجمهورية الذي اختار للمنصب شيعي ليس علي توافق مع حزب الله هو ياسين جابر .

سابعا لم يمنع التيار الشيعي فقط من الثلث المعطل بل استبعد حليفه المسيحي الرئيسي من التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل ( الذي كان لديه امل في خلافه صهره ميشيل عون في كرسي الرئاسة) وكذلك  همش تيار  المردة برئاسة سليمان فرنجيه (الذي طرح اسمه اكثر من مرة للرئاسة ) وكذلك همش حزب الطاشناق (وهو حزب يساري انشائه الأرمن المهجرين الي لبنان بعد مذابح العثمانين ضد اجدادهم هناك ولكنه للاسف تماهي مع حزب الله ومع النظام السوري السابق ).

ثامنا رغم استبعاد المسيحيين المقربين(التيار الوطنى الحر ) من الثنائي الشيعي الا ان المشاركة المسيحية معقولة جدا في هذه الوزارة  وذلك من الكتائب والقوات وغيرها كذلك فان نائب رئيس الحكومة طارق متري مسيحي وهو عرف استمر تقريبا منذ اتفاق الطائف ان يكون رئيس الحكومة مسلم سني ونائبه مسيحي ماروني .

تاسعا المراة اللبنانية كان لها نصيب ليس قليل في التشكلية الوزارية فقد منحت خمس حقائب للنساء من اربعة وعشرين حقيبة وزارية وهذه نسبة كبيرة خصوصا في منطقتنا التي تهمش فيها المراة بدرجة كبيرة .

عاشرا استطاع الرئيس جوزف عون ان يستعيد بعض صلاحياته وان يتدخل بشكل قوي في اختيار الحكومة كذلك نجح رئيس الحكومة نواف سلام في الحفاظ علي استقلاليته الي حد كبير في اختيار الاسماء وذلك كله جاء علي حساب الثنائي الشيعي الذي قبل الهزيمة الاخيرة في الميزان الحربي والتي انعكست علي هزيمة في مساره السياسي وقد تكون قبول مؤقت وقبول المضطر الي ان بتحينا الفرصة للعودة لما كان سابقا وهذا ما لا نتمناه للبنان واللبنانيين.

مجدي جورج
باحث اقتصاد دولي