حمدى رزق
الريفيرا الفرنسية، عرفها العرب قديمًا باسم «سبتمانيا»، تقع جنوب شرق فرنسا على البحر المتوسط، ومن أشهر مدنها (نيس، كان، سانتروبيز، تولون ومارسيليا)، وتكثر فيها المنتجعات السياحية. مقاربة ترامب العبثية بين الريفيرا الفرنسية وغزة باعتبارها مستقبلًا ريفيرا الشرق الأوسط (الريفيرا الأمريكية)، مقاربة خيالية، لا تخيل على عاقل، ولسنا هُبل ولا داقين عصافير خضر بتطير، (الريفيرا الترامبية) حلم مثل أحلام العصافير، والعصافير فى المنام رمزية الأطفال والأجنَّة وتفسَّرُ بالأخبار وبالبشرى..
ترامب كما بابا نويل فى الحكى الشعبى الأمريكى، يزورنا كل أربع سنوات مرة، يحمل لنا شخاليل رأس السنة، يبشرنا بالجنة الأمريكية الموعودة، وبالمناسبة «الجنة الموعودة» فيلم سوفيتى إنتاج عام 1991 من إخراج «إلدار ريازانوف»، عبارة عن تراجيديا كوميدية اجتماعية خيالية، تنتهى بمأساة (برجاء مراجعة الفيلم). جنة ترامب الموعودة (الموهومة) مثل صيد العصافير على الشجر، وعصفور فى اليد، غزة فى حوزتنا، ولا عشرة على شجر ترامب، وترامب يهش العصافير من على الشجر بمضرب البيسبول.
غزة أرض فلسطينية وستظل أرضا فلسطينية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، غزة فلسطينية وليست ولاية أمريكية، وتغيير الجغرافيا بالعافية لا يغير التاريخ، والتاريخ سيلعنكم فى كتابه، مغامرة عبثية من كاوبوى أمريكى أحمر متعافى (ترامب عفيجى إذا جاز الوصف)، واخدها بدراعه.
أظنها وبعض الظن من حسن الفطن، أظنها مغامرة غير مأمونة العواقب سيعقبها الندم، سيندم ترامب كثيرًا، سيعض بَنان النَّدم، أسأل عن غزة فى مذكرات قادة جيش الاحتلال يصفونها فى كوابيس اليقظة بـ«حقل الشوك» ومن يطأ حقل الشوك دون دربة بموطئ قدمه يضل سبيلًا.
وحتى لا تشيه الأفكار وتضيع حقوق المؤلف، ترامب لا هو مفكر ولا هو صاحب مشروع ريادى فى الشرق الأوسط، ولا عنده أدنى فكرة، يهرف بما يسمع، ياله من ببغاء عقله فى أذنيه!.
الريفيرا الأمريكية ليست من أحلام ترامب ولا من بنات أفكاره، فكرة شريرة تسلطت على عقل صهره «جاريد كورى كوشنر»، وأحلام الصهر أوامر، والصهر على خطى حبيبه ترامب.
كوشنر رجل أعمال شاب ومستثمر طموح، من يومه يخطط لـ«بزنسة الصراع العربى الإسرائيلى»، الصفقة فى عرف كوشنر هى الحل.. الريفيرا هى الحل!.
قِسْمَةٌ ضِيزَى، قسمتكم هذه قسمة ظالمة، قسمة جائرة غير مستوية، ناقصة غير تامة، ولن تمر على المنطقة بسلام، ترامب يفتح بوابات الجحيم، مثل خازن النار يفتحها للتهوية كل حين، فتتطاير شرورها فى وجه العالم، تصليه نارًا.
أطفال غزة، اليتامى على مائدة اللئام لا يحلمون بالريفيرا، ولا نيس ولا كان ما كان، لا يملكون رفاهية الحلم أصلا، (ريفيرا كوشنر) لا تلزم طفلا فلسطينيا «يتيما» تخلى عنه العالم إذ فجأة فطفق ينبش تحت الحطام يبحث عن مأوى يحميه من البرد، أحلامهم أفقر من هذا الثراء الفاحش الذى يتحدث به ترامب.
لو خير أهل غزة بين جنة ترامب الموعودة «الريفيرا» وغزة المحطمة لخرجوا عن بكره أبيهم رافضين الترحيل والتهجير، نكبة الـ 48 لن تتكرر فى حياة هذا الجيل المرابط فى أرضه، دونها الموت وجبلوا على الشهادة فى سبيل الأرض.. ما يرجوه ترامب فحسب ترحيبًا عربيًا بمشروعه، وسيبوا الباقى علينا، ويلوح بالعصا والجزرة، ويهدد بالجحيم، ولسان الحال العربى حتى ساعته وتاريخه جحيم ترامب ولا جنته الموعودة!.
نقلا عن المصرى اليوم