محرر الأقباط متحدون
استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين في الفاتيكان المشاركين في رحلة حج إلى روما نظمها مجلس أساقفة إسكندنافيا الكاثوليك ووجه لهم كلمة توقف فيها عند أهمية الشهادة للإنجيل في مجتمعنا المعاصر، مسلطاً الضوء أيضا على ضرورة التعاون مع المؤمنين المسيحيين المنتمين إلى باقي الكنائس ومع أتباع الديانات الأخرى.

استهل الحبر الأعظم كلمته موجها تحية إلى ضيوفه القادمين من السويد والنروج والدانمارك، وفنلنديا وإسلانديا، وقال إنه يسأل الله أن تساهم خبرة السير معاً كأخوة وأخوات في المسيح في تعزيز الإيمان والرجاء والمحبة، لأن هذه هي الركائز الثلاث للحياة المسيحية، وهي الطرق الثلاث التي يقودنا من خلالها الروح القدس في مسيرة حجنا.

بعدها حدث البابا الحاضرين عن شعار السنة اليوبيلية ألا وهو "حجاج رجاء"، وقال إنه يصلي كي يترسخ رجاؤهم خلال هذه الزيارة، ولفت إلى وجود مؤشرات على هذا الرجاء، بدءا من النمو العددي الذي تشهده الكنائس في تلك البلدان الخمسة. وأضاف أنه لا بد أن نرفع الشكر لله الكلي القدرة، لأن بذور الإيمان التي زرعها ورواها العديد من الرعاة والأشخاص المثابرين، بدأت تعطي ثمارها، مذكرا بأن هذا الأمر لا يفاجئنا لأن الرب يبقى دائماً أميناً لوعوده.

هذا ثم أشار فرنسيس إلى أنه يصلي من أجل إيمانهم كي ينمو ويتغذى، وكي تترسخ الشركة الكنسية لديهم، لاسيما على أثر حجهم هذا وزيارتهم ضريحي القديسين بطرس وبولس. وبهذه الطريقة، مضى يقول، يستطيع أن يعود هؤلاء الحجاج إلى بلدانهم مفعمين بالنعمة التي يمنحها المسيح والتي تبدل الإنسان، كي يتقاسموا مع الآخرين هذه الهبة التي نالوها، تماشيا مع دعوة القديس بولس الرسول للقيام بالأعمال الحسنة.

مضى الحبر الأعظم إلى القول إنه لا يوجد عمل أعظم من نقل رسالة الخلاص إلى الآخرين، ونحن مدعوون لنفعل ذلك خصوصا مع الأشخاص الذين يعيشون على هامش المجتمع. وقال: لنفكر على سبيل المثال بمن هم وحيدون ويعيشون في الضواحي وفي المناطق النائية. ولفت فرنسيس إلى أن هذا الواجب يُلقى على عاتق كل شخص، بغض النظر عن السن وظروف الحياة والقدرات التي يتمتع بها. وشدد على أن المرضى والمسنين ومن يواجهون صعوبات لديهم الدعوة النبيلة للشهادة للمحبة الرؤوفة والحنونة لله الآب، مضيفا أن رحلة الحج لا تنتهي بعد العودة إلى ديارنا بل تجعل هدفها مسيرة التلمذة اليومية، والحفاظ على واجب الكرازة بالإنجيل.

من هذا المنطلق شاء البابا أن يشجع المؤمنين الكاثوليك في تلك البلدان الخمسة على التعاون مع أخوتهم المسيحيين المنتمين إلى باقي الكنائس، موضحا أنه في هذه الأوقات العصيبة المطبوعة بالحرب في أوروبا وباقي أنحاء العالم، تجد عائلتنا البشرية نفسها بأمس الحاجة إلى الشهادة للمصالحة والشفاء والسلام الذي يتأتى من الله وحده.  

بعدها تطرق البابا إلى تعدد الثقافات في تلك المجتمعات، لافتا إلى أن ضيوفه مدعوون في هذا السياق إلى الحوار والعمل معاً وبالتعاون مع أتباع باقي الديانات، وبينهم العديد من المهاجرين، الذين استضافتهم تلك المجتمعات. وقال إنه لمس هذا الواقع لمس اليد خلال زيارته إلى السويد عام ٢٠١٦، موضحا أن المؤمنين كانوا وما يزالون منارة للضيافة والتضامن الأخوي.

هذا ثم توجه فرنسيس إلى الحجاج الشبان وذكّرهم بأنه في السابع والعشرين من أبريل نيسان المقبل سيجري احتفال تقديس الطوباوي كارلو أكوتيس. وقال إن هذا القديس الشاب، من زماننا الحاضر، يظهر لكم ولنا جميعاً أنه من الممكن جداً أن يتبع الشبان يسوع في عالم اليوم، وأن يتقاسموا تعاليمه مع الآخرين وهكذا يجدون ملء الحياة في الفرح والحرية والقداسة. وذكّر البابا الشبان الحاضرين بما كتبه في الإرشاد الرسولي "كريستوس فيفيت" أن الروح القدس يدفعهم، والكنيسة تحتاج إلى زخمهم وإلى حدسهم وإيمانهم.

في الختام تمنى البابا فرنسيس للحجاج القادمين من البلدان الإسكندنافية أن تتكلل مسيرتهم بالنجاح موكلا الجميع إلى شفاعة العذراء مريم، والدة الكنيسة. ومنح الكل بركاته الرسولية طالباً منهم أن يصلوا من أجله.