( بقلم : أشرف ونيس ) .
لم يتناغم مع موسيقى المدح و الثناء وقت أن شدت له بعض الحناجر ، لكنه راح يشرق فى كونه كنجم بازغ اللمعان و ساطع الضياء ، لم ترمق عيناه نظرات البشر و أعينهم وقت إعجابهم الذى سرعان ما يتخافت و يختبئ بين قتامة البصائر و عتمة الضمائر ، لكنه سعى إلى انتثار نوره و أشعته فى كل حدب و صوب حيثما خطت قدماه بل وقتما داعبت رئتيه ذرات الهواء و جزئياته ، لم يطالب بالحق و هو صاحب الحق و الحقوق ، لكنه سأل القدر للأخذ بيده هبة و منحًا و عطاء ..... ، و بينما تأخذه السنون و تتهافت عليه الأيام فى جبروتها ؛ راحت راحتاه تمتد للكل و هما معلقتان بأذرع مفتوحتين على مصرعيهما مُرَحِبة و ممهدة لكل من دنا و أحتاج و أخذ و انحنى شكرا و امتنانًا و لكل من أخذ و أنكر و هَمَّ فى عدائه و استعدائه بلا سبب واضح أو علة سافرة !!!
بين إرادة الجهل و رغبة التجاهل المتنابذة للبراعة فى طلاقتها حيث العزف على أوتار العلم ؛ يقدم السير ( مجدي يعقوب ) لحنا جديدا للإنسانية ، فيهديها إلى مسرح الحياة فى رحابه ، و بحنو قلبه الكبير يتحدى شيخوخة قلبه ليخضع لإشراقة عالم الروح حين أنعم عليه بوميض نور آخذا فى تسابقه مع غيره من الأشعة ليسير جنبا الى جنب فى مكانه و مكانته مع شموس قد دارت فى فلك عبقرية هذا الرجل ! و فى تحدٍ و تصميم و برغم من الأعين المتعامية و الآذان الصامة له يحيي صمام القلوب لجعلها تنمو و تتنامى بأبدان البشر ، فتتبرأ تلك الابدان من زيارتها لأسِرة المشافي و سلاح الاطباء و كل ما يجعل الوعى غائبا و خاضعا لفتح الجسد دون ألم الشعور و شعور الألم . و هكذا يتنحى التأوه و العجز جانبا ليفسحا الطريق لتعافي الحياة و حياة التعافى ليحذو حذوهما الفرح و السعادة و الانتصار على معاناة القلوب و إنهاك الوجدان !!!
لقد خطت و تخطت قدماه ساحة عدم الاستقامة من اعتقد فى غفلة من وعيه أن الشمس فى حاجة إلى ضياء بعض الاجسام المعتمة ، كما قد فقد صوابه ذاك الذى فى إحدى تجليات غروب عقله ظن بأن النور قد أعلن حاجته الى الظلام كى ما يشع و يظهر و يبرق ، فالعلم مازال و سيظل محتفظا و حافظا لقيمته من كينونته فيما ينفع و يبرئ و يعافي ، و الإنسانية كانت و ستبقى مهد الحضارات بما تحويه من معارف و علوم و حكمة . فلقد حباه الله - السير مجدي يعقوب - بما حباه من علم متأنسن و انسانية عليمة بما لا يعلمه غيره ، و هكذا كان ما يقدمه يعقوب منزه عن تطلعه الى المقابل و تلهفه إلى الرد بالمثل ، فالإنسان بما يحمله من وجدان شاعر و إرادة قوية و ضمير حى كان هو الذى يهدى بلا ردة فعل ممن يهديه ، و يقدم بلا انتظار مما سيقدمه له الآخذ ، و عندما كان الإنسان عليم لما غيره فى حاجة إليه ؛ كان فى ذلك ک الجاذبية التى تحفظ الجميع من التموج و الترنح بل والتيه فى دياجير ظلمة السقم و العسر و المقاساة بينما تبقى هى راسخة إلى أبد الدهور ، و هكذا سيظل السير مجدى منزهًا عن الحاجة التى يستحقها و بمنأى عن ما له استحقاق فيه « التكريم » !!!
هل لنا أن نجازى الجميع بما هم أهل لاغتنامه ، أم اننا دائبون فى غض الطرف عمن هم مستأهلون له ؟ هل يستوجب بنا أن نعطى لكل ذي حق حقه أم أننا نضاهي فى جهل و تجاهل من ليس لهم فى رفع الأعلام و انحناء القامات شيء ؟ فليتنا نذكر و نتذكر دائما أبدا بأن الاحتفاء و التبجيل لكل مُبَجَل و عظيم لهو أحد صور الثقة بالنفس قبل أن تكون انعكاسا ل ثقتنا و إسنادنا للأخرين ! كما أن إجلال و تشريف من هم بين طيات الإجلال و الاعتبار ماكثين هو التبرؤ عينه من كل صغائر الروح و كل ما يمكن أن يَعلَقْ بها من دنايا و سقوط و هبوط ! ليتنا نتذرع بكل ماهو سامٍ و نبغض كل ماليس من الرقي و التشامخ و البلوغ فى شيء ، و نسلك فى درب البناء المُحب كما المحبة التى تبني و تشيد و تُشيِّد صروح الافتخار بكياننا و بلدنا و مصرنا و مصريتنا و مصريينا و علماءنا و أدبائنا و مفكرينا و كُتابنا ، و كل من يحمل بين تحيزه بعضا من الكمال و كما من الجمال ، و لنعلِ و نستعلِ و لننظر إلى القمم فى شموخها و رفعتها لا الى السفوح فى اتضاعها و استكانتها !!!