محرر الأقباط متحدون
الحرب ومآسيها، السلام الذي يتم بلوغه من خلال الحوار، ضرورة المغفرة. كانت هذه من بين المواضيع التي تم التطرق إليها خلال لقاء أجراه قداسة البابا فرنسيس أمس السبت عبر الشبكة مع شباب أوكرانيين.

أجرى قداسة البابا فرنسيس بعد ظهر أمس السبت ١ شباط فبراير لقاء عبر الشبكة مع عدد من الشباب الأوكرانيين في العاصمة كييف ومدن أوكرانية أخرى إلى جانب بعض المدن في أوروبا وأمريكا، وذلك لمنابة مبادرة ينظمها السفير البابوي في أوكرانيا رئيس الأساقفة فيسفالداس كولبوكاس ورأس كنيسة الروم الكاثوليك في أوكرانيا رئيس الأساقفة سفياتوسلاف شيفتشوك، وقد شارك في هذه المبادرة ٢٥٠ شابا أوكرانيا من داخل البلاد وخارجها من الكاثوليك اللاتين والروم.

وحول هذا اللقاء أصدرت دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي بيانا جاء فيه أنه وبعد لحظة صلاة قرأ بعض الشباب شهادات أليمة حول حالة الحرب التي يعيشونها وتبعاتها عليهم وعلى عائلاتهم وعلى بلدهم. وعقب هذه الشهادات أجاب الأب الأقدس على أسئلة وجهها بعض المشاركين في اللقاء وأكد لهم قربه وألمه أمام الجراح التي يسببها النزاع، وشدد البابا على أن الحرب تؤدي إلى الجوع والدمار وتقتل، وذكَّر في هذا السياق باتصاله اليومي مع رعية العائلة المقدسة للاتين في غزة. ودعا الاب الأقدس الشباب إلى أن يكونوا وطنيين أي أن يحبوا وطنهم ويحموه لكنه سألهم من جهة أخرى أن تكون لديهم أحلاما وتعطشا إلى المستقبل.

هذا وتحدث البابا فرنسيس عن تمنيه السلام لأوكرانيا مؤكدا أن السلام يُبنى من خلال الحوار، وحث قداسته الشباب على عدم التوقف عن الحوار حتى وإن كان صعبا وشدد على ضرورة بذل الجهود سعيا إلى الحوار. وفي إجابته على سؤال حول المغفرة بعد أن يترك الألم والظلم جراحا عميقة في القلب قال قداسة البابا إنه صحيح أن علينا الدفاع عن أنفسنا ولكن من الضروري أن نكون دائما مستعدين للمغفرة سواء فيما بيننا أو أيضا إزاء مَن هو معارض لنا. وتابع واصفا المغفرة بأنها من بين أصعب الأمور مشيرا إلى رد الفعل الغريزي الذي يدفع إلى الرد على لكمة بلكمة أخرى، إلا أنه تحدث عن عبارة مفيدة تقدم مساعدة كبيرة من أجل المغفرة، ألا وهي: يجب عليّ أن أغفر كما نلتُ أنا المغفرة، وأكد البابا بالتالي أن على كل واحد منا أن يبحث عما نال من مغفرة في حياته.   

وتجدر الإشارة إلى أن اللقاء قد بدأ بتقديم من رئيس أساقفة كييف سفياتوسلاف شيفتشوك رأس كنيسة الروم الكاثوليك في أوكرانيا والذي وصف لقاء الأب الأقدس بالشباب الأوكرانييين بالتاريخي. وقد كان رئيس الأساقفة في اتصال من كاتدرائية القيامة في العاصمة كييف وقد كان يُنقل فيديو الاتصال مع البابا فرنسيس على شاشة كبيرة. وأشار رئيس الأساقفة في بداية حديثه إلى احتمال أن تُدق صفارات الإنذار بسبب غارات جوية وقال إنه سيكون من الضروري في حال حدوث هذا إنهاء الاتصال والنزول إلى أسفل البناية. كما وتحدث عما وصفها بمعجزة، أي توفر التيار الكهربائي حيث كانت العاصمة قد تعرضت الليلة السابقة إلى هجوم جوي جديد إلا أن البعض قد نجحوا في إعادة ربط الأسلاك لاستعادة التيار الكهربائي.

وعقب الصلاة في بداية اللقاء قرأ السفير البابوي في أوكرانيا رئيس الأساقفة كولبوكاس مقطعا من رسالة بولس الرسول إلى أهل روما "وَنَفْتَخِرُ بِالَّرجاءِ لِمَجْدِ الله، لا بل نَفتَخِرُ بِشَدائِدِنا نَفْسِها لِعِلمِنا أَنَّ الشِّدَّةَ تَلِدُ الثَّباتَ والثَّباتَ يَلِدُ فَضيلةَ الاِختِبار وفَضيلةَ الاِختِبارِ تَلِدُ الرَّجاء والرَّجاءَ لا يُخَيِّبُ صاحِبَه..".

أما شهادات الشباب المشاركين في هذا اللقاء مع قداسة البابا فقد نقلت مآسي الحرب، ما بين الخوف على الأقارب الذين يقاتلون على الجبهات المختلفة وتبعات الحرب من دمار وموت وألم. كما وأوضحت أسئلة الشباب وشهاداتهم تطلعهم إلى السلام، لكنهم تساءلوا وسألوا قداسة البابا حول كيفية بلوغ سلام حقيقي، عادل ودائم. هذا وكان الإيمان وما يمنح من قوة محور بعض الشهادات التي أكد فيها الشباب كيف منحهم الإيمان القدرة على السير قدما وعلى أن تكون لديهم أحلام للمستقبل. وفي سياق الحديث عن الضحايا أشار البعض إلى عدم الاكتراث بقيمة الحياة وهو ما توقف عنده قداسة البابا في تفاعله مع هذه الشهادات، وقال إن العالم يشهد بالفعل تراجعا لتقدير قيمة الحياة حيث تتمتع اليوم أمور أخرى بأهمية أكبر مقارنة بالحياة مثل المال واتخاذ موقف مؤيد للحرب. ومن النقاط الأخرى التي تم التطرق إليها خلال اللقاء الاضطرار إلى الرحيل وترك الأشخاص أوطانهم بسبب الحرب، وتحدث البابا فرنسيس هنا عن أهمية الحنين إلى الوطن والذي يهب قوة، وشجع الأوكرانيين في الخارج على ألا يفقدوا هذا الحنين.

وفي ختام اللقاء عبر الشبكة مع أوكرانيا'> شباب أوكرانيا منح قداسة البابا الجميع بركته.