الأب رفيق جريش
فى ظل تصريحات ترامب حول تهجير أهالى قطاع غزة والضفة الغربية خارج أراضيهم والعمل على تفريغ القضية الفلسطينية، وتصفيتها، يقف شعب مصر بقلب رجل واحد فى وجه هذا المخطط فى إطار دورها التاريخى فى القضية الفلسطينية والعمل على حلها، إقامة دولة على حدود ٤ يونيو١٩٦٧ تكون عاصمتها القدس الشرقية، وأن يكون للشعب الفلسطينى حقه فى تقرير مصيره، وأن مخطط التهجير يؤدى إلى المزيد من المآسى الإنسانية والعنف، وخلق جو من عدم الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط.
ولو نظرنا إلى موضوع التهجير فسنجد أن له بعدين، أولهما البعد الفلسطينى وهو خاص بالفلسطينيين أنفسهم لأن تهجير الفلسطينيين واقتلاعهم من أراضيهم يعنى تصفية القضية الفلسطينية وهذا يعتبر مخالفًا للقوانين والأعراف الشرعية الدولية بمعنى أنه يمثل تهجير أصحاب الأرض لمصلحة مغتصبى الأرض.
أما البعد الآخر فى عملية تهجير الفلسطينيين فهو تأثيره على الأمن القومى المصرى فعندما يتم تهجير الفلسطينيين إلى أى دولة من الدول، فهذا له اثر على الدولة نفسها مما يؤثر على التوازن الديموغرافى لهذه الدولة وبالتالى يؤثر على الأمن القومى لهذه الدولة، كماأن هذا التهجير يؤدى إلى استيلاء الحكومة الإسرائيلية على قطاع غزة وبناء المخططات الاستيطانية لهم وهذا معناه عدم عودة الفلسطينيين مرة أخرى إلى أرضهم لأن أرضهم ستكون قد احتلت وبنيت عليها المخططات التى تم تنفيذها وكل هذه العوامل وكل هذه المخططات ستؤثر بالدرجة الأولى على الأمن القومى المصرى باعتبارها دولة جوار وهذا مما لا شك فيه يعتبر تفريغًا للقضية الفلسطينية وتصفية لها بشكل كامل.
وهو أيضاً موقف يعكس تلاحم الدولة والشعب المصرى بكل فئاته ومكوناته، وهو ما بدا فى حالة الرفض الشعبى لدعوات الترحيل للفلسطينيين من أراضيهم ونقلهم إلى دول أخرى. وقد عبرت فئات الشعب المصرى بكل فئاته عن الرفض والإدانة الواضحة لأى محاولات لتهجير الفلسطينيين، وهو ما يؤكد أن القضية الفلسطينية ستظل دائمًا فى وجدان وضمير الشعب المصرى وفى قلب السياسة المصرية، حيث تمثل مصر صمام الأمان للشعب الفلسطينى حتى ينال حقوقه المشروعة، وعلى رأسها حقه فى إقامة دولته المستقلة على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية فى إطار حل الدولتين.
فالموقف المصرى على أسس وثوابت راسخة وقاطعة تجاه القضية الفلسطينية، وهى لا للتهجير القسرى للفلسطينيين ولا لتهجيرهم أو توطينهم فى سيناء. والموقف المصرى ينطلق من اعتبارات عادلة وأخلاقية وقانونية وسياسية، فالتهجير القسرى يستهدف تصفية القضية الفلسطينية عبر اقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم ومدنهم وقراهم تحت ذرائع واهية، كما أنه يستهدف تحويل القضية الفلسطينية من قضية شعب يسعى لتقرير مصيره وفقا للقوانين الدولية إلى مسألة إنسانية، كما أن التهجير القسرى للفلسطينيين يعد جريمة حرب تنتهك كل القوانين والمواثيق الدولية والقانون الدولى الإنسانى تستوجب معاقبة ومحاسبة مرتكبيها. ومن هنا شكلت مصر منذ اللحظة الأولى ليوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ حائط صد أمام كل محاولات طرح فكرة تهجير الفلسطينيين قسرا أو طوعا.
ولذلك فإن إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية ووقف كل صور العدوان وتحقيق السلام العادل والدائم وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار لجميع دول وشعوب المنطقة وهذا ما يجب أن يفهمه جيدًا الرئيس الأمريكى ترامب الذى يريد بالعافية إجبارنا على قبول ما لا يقبل به.
نقلا عن المصرى اليوم