يشارك الدكتور خالد منتصر بكتاب جديد بعنوان دماء على البالطو الأبيض في معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ56، وهو الكتاب الصادر عن دار ريشة للنشر والتوزيع.

كتاب دماء على البالطو الأبيض يحاول أن يجيب عن سؤال مهم ومؤرق: ما هو السر في أن معظم قادة التطرف والجماعات الإرهابية والسلفية أطباء؟! ويناقش ظاهرة الطبيب الدرويش، ولماذا لجأ الإخوان إلى احتلال نقابة الأطباء في زمن مبارك كأول نقابة يسيطرون عليها ثم الانتشار من خلال مستوصفات المساجد؟

خالد منتصر تعليقًا على كتاب فقه المواريث لسعد الهلالي: البنت ممكن تحجب العم أو الخال في الميراث.. والأخير: الكتاب به الرأي والرأي الآخر
محافظ القليوبية يفتتح اليوم معرض الكتاب بقصر ثقافة القناطر الخيرية

مما جاء في مقدمة كتاب دماء على البالطو الأبيض:

لماذا يطل معظم قادة المتطرفين من نافذة كلية الطب؟
أرقني هذا السؤال كثيرًا، لماذا معظم الإرهابيين والمتطرفين من خريجي كلية الطب؟، أقصد بالطبع كلية الطب بشكل أساسي وأطيافها المختلفة وحوارييها، طب الأسنان والصيدلة والطب البيطري أيضًا، كلية الطب في دراستي هي اختزال للكليات العملية العلمية المتعلقة بالطب، التي رصدنا فيها عددًا لا يستهان به من أصحاب الفكر المتطرف، أو السلفي الماضوي، لدرجة أننا نستطيع أن نطلق عليها لقب ظاهرة.

السؤال بشكل أشمل كان لا بد أن يكون، لماذا معظمهم من خريجي الكليات العملية العلمية؟، فكلية الهندسة على سبيل المثال لها نصيب كبر أيضًا في عدد المتطرفين من خريجيها، فلماذا طرحت كلية الطب بالذات، وكتبت عن انتشار تلك الظاهرة فيها هذا الكتاب؟

أولًا: لأنني خريج تلك الكلية، فأنا خريج كلية طب قصر العيني 1983، وحضرت ولادة الجماعة الإسلامية التي كانت الرحم الخصب لكل الجماعات المتطرفة فيما بعد، وهذا ما رصدت بعضه في فصل من كتابي "خلف خطوط الذاكرة"، حضرتها "لايف"، على الهواء مباشرة، شهدتها جنينًا يتشكل، ووحشًا يتغول، ثم تنينًا يحرق، وديناصورًا يبتلع، كانت كلية طب قر العيني وقت أن كنت طالبًا فيها هي مصنع قادة الجماعة، ومشتل بذورهم التي تلقِّح كل الجامعات الأخرى، كان قادة الجماعة الإسلامية في كلية طب القاهرة هم السوبر ستارز، لذلك أنا شاهد عيان، وراصد محقق، ومحلل كان في أتون النار، توافرت له فرصة نادرة لمراقبة التفاصيل والاشتباك مع قادة جماعة غرّت وجه مر، وعطلت عقلها، وشلت قدراتها زمنًا طويًا، وما زلنا نعاني من أعراضها الجانبية حتى هذه اللحظة.

ثانيًا: كلية الطب مختلفة عن كلية الهندسة في شيء مهم، فالمفترض أن خريج كلية الطب يتعامل مع الإنسان وليس الماكينة، ومن المستحيل تصور أن ما يسمونه ملاك الرحمة الذي مهمته الأساسية تضميد الجروح وإنقاذ الأرواح، من الممكن أن يزهق الأرواح ويغتال ويقتل ويذبح ويحرض ويفجر.. إلخ، ليس هذا معناه أنها مقبولة من المهندس ومرفوضة ومستهجنة من الطبيب، لكن المفروض أن طبيعة الإرهاب مبدئيًا تتعارض مع جوهر المهنة التي أساسها التعاطف والمشاركة الوجدانية الإنسانية، فكيف يتأتى هذا مع ذاك، وكيف يولد هذا التناقض؟، هذا كان جزءًا من السؤال المؤرق، وهاجسًا ملزمًا لي منذ أن وطئت قدماي أرض ومدرجات ومعامل كلية الطب.

ثالثًا: لأنني رأيت قممًا يسارية في كلية الطب وغيرها من الكليات العملية، فقد كنت مندهشا من ذلك الأفول اليساري السريع، والتحول من لحية ماركس إلى لحية الظواهري في فترة قصيرة جدًا!، بالنسبة لي شخصيًا كانت فترة امتدت سنة من انتقالي من إعدادي طب في كلية العلوم إلى أولى طب القاهرة، كيف احتل قادة الجماعة كراسي مناضلي اليسار بمثل هذه السرعة، وأزاحوهم بتلك السهولة؟، وكيف تنامى تأثيرهم وتصاعد، حتى حدث شبه انسحاق للطلبة من أي تيار آخر، وأصبح اكتساح الجماعة الإسلامية في انتخابات اتحاد الطلبة بمثابة تسونامي، لا ينجو منه أحد، ينجحون في انتخابات اتحاد الطلبة بنسبة 100٪ وهي نفس نسبة نجاحهم في انتخابات نقابة الأطباء، وكذلك نقابة الصيادلة وأطباء الأسنان والبيطري، وكما ذكرت، تركيزي على كلية الطب لأنها كانت رأس الحربة، والدينامو المحرك، ومشتل القيادات الفاعلة.