محرر الاقباط متحدون
يعرب الحزب الليبرالي المصري عن قلقه العميق وتعجبه من مقترح إدراج "مادة الدين" ضمن المواد المضافة للمجموع الكُلي في جميع المراحل الدراسية. هذا الإجراء غير المسبوق في التاريخ الحديث يأتي في وقت تعاني فيه المنظومة التعليمية من تحديات كبرى تتطلب حلولًا علمية ومنهجية لتحسين جودة التعليم وتطوير قدرات الطلاب.
فمنذ أن أسس محمد علي باشا المدارس الأهلية في بدايات القرن التاسع عشر، كان الهدف الأساسي من التعليم هو بناء دولة مدنية حديثة قادرة على مواكبة التطور الحضاري. لكن اليوم، نجد أنفسنا أمام مقترح يربط التفوق التعليمي بالمعرفة الدينية، مما يطرح تساؤلات عديدة حول الأهداف الحقيقية لهذا القرار وتأثيراته المستقبلية.
تساؤلات مشروعة:
- هل نحن بصدد قياس مدى تفوق الطلاب علميًا وإبداعيًا من خلال التزامهم بمذهب معين أو اتباعهم لعقيدة محددة؟
- هل سيؤدي هذا القرار إلى بناء جيل مبدع ومتفوق علميًا أم جيل منغلق ومتأثر بالتعصب الديني والمذهبي؟
- هل ستراعي المناهج الدراسية التنوع الديني والمذهبي لمجتمعنا، أم ستفرض رؤية دينية أو مذهبية محددة على الجميع؟
- هل وظيفة الوزارة هي تعزيز التفكير العلمي والإبداع، أم أنها بصدد أداء دور المؤسسات الدينية؟
نحن في الحزب الليبرالي المصري، وحسب فهمنا لما جاء في المادة 19 من دستور البلاد، بأن التعليم هو حق أساسي لكل فرد، وأن هدفه الأول هو الحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار.
لذا تدور في رؤوسنا المزيد من الأسئلة حول مصير هذه المفاهيم في ظل القرار المزمع تطبيقه:
- هل ستقوم الوزارة بإعداد مناهج مستقلة لكل طائفة ومذهب ديني؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل تمتلك الوزارة الإمكانات لتوفير معلمين متخصصين وفصول دراسية كافية؟
- كيف يمكن ضمان أن العملية التعليمية ستبقى حيادية وغير متحيزة عند ربط النجاح الأكاديمي بالالتزام الديني؟
- هل سيرسخ هذا القرار قيم التسامح والتعايش بين الأديان أم سيؤدي إلى تعزيز الاختلافات والانقسامات؟
إذا كانت لدى الوزارة خطة واضحة ومتكاملة تغطي كافة هذه القضايا وتجيب عن التساؤلات المطروحة، فإننا نطالب بسرعة طرحها للنقاش العام لإشراك المجتمع في اتخاذ القرار.
أما إذا لم تكن هناك خطة واضحة، فإننا ندعو الحكومة المصرية إلى التراجع الفوري عن هذا القرار، حفاظًا على حق الطلاب في تعليم عالي الجودة خالٍ من التمييز أو التحيز.
نؤكد في الحزب الليبرالي المصري أن التعليم هو استثمار في مستقبل الوطن، ولا يجب أن يكون أداة لتحقيق أجندات سياسية أو مذهبية. الحفاظ على منظومة تعليمية متطورة ومحايدة هو السبيل الوحيد لبناء أجيال قادرة على قيادة مصر نحو مستقبل أفضل.