ياسر أيوب
يعيش العالم الكروى حاليا واحدة من أغرب قضاياه وحكاياته.. ولم تبدأ هذه الحكاية منذ أيام قليلة بإعلان صادم ومفاجئ للرئيس الأمريكى المنتخب ترامب يتضمن رغبته فى شراء جزيرة جرينلاند من الدنمارك ورد رئيسة الحكومة الدنماركية بأن الجزيرة ليست للبيع.. إنما كانت البداية ١٨١٤ حين أصبحت جرينلاند جزءًا من مملكة الدنمارك وامتلكت فى ١٩٧٩ حق الحكم الذاتى لكن مع بقائها دنماركية.
وهكذا ظلت أكبر جزيرة فى العالم التى تقع بين المحيط المتجمد الشمالى والمحيط الأطلنطى تنتمى سياسيا لأوروبا رغم أنها تنتمى جغرافيا لأمريكا الشمالية.. وظل أهلها طول الوقت لا يريدون إلا دولة خاصة بهم.. واكتشفوا بعد سنين أن كرة القدم قد تكون هى الحل وأن يكون لهم منتخب يواجه منتخبات العالم رسميا باسم جرينلاند ويرفع علمها ويغنى مع الجمهور نشيدها.
وتحدث عن ذلك كثيرًا كينيث كليست رئيس اتحاد الكرة فى جرينلاند، مؤكدا أنه رغم عدم اعتراف الفيفا إلا أن كرة القدم ليست فى الجزيرة مجرد لعبة لكنها أصبحت رمزا لوطن لا يملكه أهله.. حتى إن لم تلعب جرينلاند حتى الآن أى مباراة كروية رسمية.. وسبق أن رفض الاتحاد الأوروبى للكرة قبول عضوية جرينلاند لأنها ليست دولة مستقلة ولا مقعد لها فى الأمم المتحدة.
وكان البديل هو طلب جرينلاند فى مايو الماضى عضوية الكونكاكاف أو اتحاد أمريكا الوسطى والشمالية.. والمفارقة كانت تأييد الدنمارك لهذا الطلب.. والمفارقة الأكبر أن الناس فى جرينلاند يريدون الانضمام للكونكاكاف حتى يلعبوا الكرة مع الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.. ثم يفاجئهم ترامب بأنه يريد شراء أرضهم لا ليلعبوا مع أمريكا ولكن ليصبحوا جزءًا من أمريكا.. ولا أحد يعرف حتى الآن هل سيتأثر مسؤولو الكونكاكاف بطلب ترامب شراء جرينلاند أم سيمنحها عضويته لتلعب رسميًا باسمها.. وحتى الآن لا يزال الكونكاكاف يبحث طلب جرينلاند رغم أنه سبق ومنح عضويته لبلدان غير مكتملة الاستقلال مثل أروبا وبرمودا ومجتمعات صغيرة جدا وليست مثل جرينلاند التى تزيد مساحتها عن كل غرب أوروبا.
وقد تكون المشكلة أن الثلوج طول السنة تغطى ٨١٪ من أرض جرينلاند.. ولا تزيد درجة الحرارة فى فصل الصيف عن عشر درجات.. ورغم ذلك تعشق الجزيرة كرة القدم وتملك رسميًا ٥٥٠٠ لاعب كرة أى ١٠٪ من إجمالى السكان ويلعب هؤلاء فى ٧٦ ناديا للكرة.. وقدم أهل جرينلاند لمسؤولى الكونكاكاف وعودًا ببناء ملاعب جديدة كثيرة مغطاة تسمح بممارسة الكرة طيلة أيام السنة وتتسع لاستضافة مباريات دولية رسمية.. فكرة القدم لم تعد أكثر الألعاب شعبية فى جرينلاند إنما باتت رمزا لوطن ترفض الدنمارك التخلى عنه وتريد شراءه الولايات المتحدة.