ياسر أيوب

من حق أى لاعب كرة أن يسعى ويحلم بأن يكون الأفضل والأشهر.. لكنهم قليلون الذين يحرص كل منهم على البقاء إنسانا مهما كثر المال وزادت الشهرة.. وأندريه أونانا أحد هؤلاء القليلين الذين تبقى إنسانيتهم أهم من موهبتهم ويرون مساعدة الناس أغلى من أى نجاحات تشهدها ملاعب الكرة ومدرجاتها.. ولم يفز أونانا بجائزة حارس المرمى الإفريقى الأفضل فى 2024.

 

لكنه فاز بجائزة الاتحاد الدولى للاعبين المحترفين لأكثر لاعب كرة قام بأعمال إنسانية فى 2024.. وكان أونانا قد بدأ رحلته مع الحياة فى 1996 بالميلاد فى منطقة مابانكومو القريبة من العاصمة الكاميرونية ياوندى.. وبدأ رحلته مع كرة القدم فى أكاديمية صامويل إيتو ليسافر حين بلغ 14 عامًا إلى برشلونة حيث تمت إعارته أكثر من مرة لأنه أقل من 18 عامًا وليس مواطنًا أوروبيًا.

 

ولعب بعدها لأندية أياكس الهولندى وإنتر ميلان الإيطالى قبل انتقاله العام قبل الماضى حارسًا لمرمى النادى الإنجليزى مانشستر يونايتد.. وأصبح حارسًا لمرمى منتخب الكاميرون منذ 2016.. ولم يكن المشوار سهلا لشاب كاميرونى أخذته كرة القدم بعيدا عن أهل ووطن ليعيش وحيدا فى برشلونة وأمستردام وميلانو.. ولم ينس كل من ساعدوه ووقفوا بجانبه طيلة هذا المشوار خاصة فى أوقات صعبة كان يتراجع فيها مستواه كحارس مرمى وتحاصره الشكوك والانتقادات.

 

وتعلم أن أجمل وأبقى ما يمكن أن يقوم به أى انسان هو الوقوف مع الناس أثناء أزماتهم حتى لو بكلمة طيبة.. ولم ينس أونانا أيضا بلده الذى ينتمى إليه مهما طال بقاؤه فى أوروبا التى أهدته الشهرة والمال.. فأسس منظمته الخيرية لمساعدة فقراء وبسطاء الكاميرون على حمل هموم حياتهم والخلاص من أوجاعهم.. وشاركته حبيبة عمره وزوجته ميلانى كامايو الكاميرونية أيضًا فى إدارة هذه المؤسسة.

 

وحين أعلنت منظمة الصحة العالمية عن أزمة تهدد أطفالا كثيرين فى الكاميرون بفقدان البصر.. قرر أونانا تخصيص الكثير جدا من المال لإنقاذ هؤلاء الأطفال وتعاقد مع أطباء عيون أصحاب خبرة وكفاءة لإجراء جراحات ضررية لإنقاذ عيون هؤلاء الصغار.. مئات الجراحات تحمل أونانا كل تكاليفها لأنه أدرك أن مساعدة الصغار على الاحتفاظ ببصرهم أهم كثيرًا وجدا من أى نجاح كروى.

 

 

ولهذا كانت جائزة الاتحاد الدولى التى ستبقى أهم جائزة فى مشوار أونانا رغم أنه لم يكن يريدها أو ينتظرها حين قرر القيام بكل ذلك.. فقد اقتنع طول الوقت بأن هناك كثيرين لا يعرفهم أو يعرفونه سيبقون رغم ذلك شركاء له فى أى مال تأتى به كرة القدم.. وسيبقى سعيدًا بما قام به مدركًا أن الخير هو الذى سيبقى فى النهاية.

نقلا عن المصرى اليوم