القس رويس الجاولي
في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي أثناء الحرب العالمية الثانية، جرت العادة أن تضع العائلة التي لها ابنٌ يخدم في الجيش نجمةً على النافذة الأمامية من المنزل· ولكن إن كانت النجمة ذهبية، فمعنى ذلك أن ابن تلك العائلة قد مات وهو يدافع عن وطنه·

وذات ليلة، كان رجلٌ يسير في شارع في مدينة نيويورك بصحبة ابنه البالغ خمس سنوات· ولفتت نظر الصغير النوافذ المتلألئة بالأنوار في بيوت المدينة، وأراد أن يعرف لأي سببٍ وُضِعَت نجماتٌ على نوافذ بعض المنازل· فشرح له الأب موضِّحًا أن العائلات المُقيمة في تلك المنازل لها أبناءٌ يُشاركون في الحرب· فما كان من الولد إلاّ أن صفّق بيديه كلما رأى نجمةً جديدة على نافذة، ويهتف قائلاً: انظر يا أبي، ها هي عائلةٌ أخرى قدّمت ابنًا لأجل الوطن ·

أخيرًا وصلا إلى قطعة أرض خاليةٍ لا منازل فيها، ومن خلال تلك الأرض الفضاء رأى الصبي نجمةً لامعة تتألق في السماء· فحبس الصغير أنفاسه، وارتسمت على وجهه علامات التعجب والاندهاش، ثم هتف قائلاً: بابا! بابا! انظر إلى النجمة المُعلّقة على نافذة السماء، لا بد أن الله قد قدّم ابنه أيضًا!

صحيح! ثمة نجمة على نافذة الله في السماء! «لأنَّهُ هكذا أحبَّ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية» (يوحنا3: 16)· فإن الله «لم يُشفق على ابنه، بل بذله لأجلنا أجمعين» (رومية8: 32)· كثيرون يُقدِّمون حياتهم لأجل وطنهم، ولكنَّ المسيح بذل حياته لأجل العالم كله· إنه - بمحبة الله - اجتاز إلى أرض العدو؛ إلى معركة الجلجثة الرهيبة، ليبذل نفسه فديةً، مصلوبًا على صليب الجلجثة، مُقدِّمًا لنا بِدَمِهِ صفحًا شاملاً وتطهيرًا كاملاً، مجانًا، بنعمته الفائقة المتفاضلة·