كمال زاخر
٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤
بالضرورة ربما بسبب خبرة شخصية تراكمت عبر ثلاثة ارباع قرن، ما بين طفولة لاهية، وصبوة

يتفتح فيها الوعى ببطء، فى اسرة بسبطة مكافحة، ومراهقة تائهة تحاول جاهدة ان تفهم التغيرات الفسيولوچية، والتغيرات الحادة التى يموج بها عالم الستينيات، وشبيبة تواجه مجتمعاً منكسراً ومتقلباً، ورجولة تتصدى لرياح تجريف ممنهجة وعاتية، وكهولة قابضة على وعيها لا تفرط فيه، وشيخوخة انهكتها المواجهات والحروب وجبال المسئوليات، واخفاقات تسجلت فى اوراق عمر انقضى.

بالضرورة اتفهم حجم الألم واتساع الجروح التى اصابت جيلنا وهو يرصد تناقضات مجتمعاته التى صارت فريسة ارتباكات التكوين فى دوائرنا وفى خارجها، وأزعم اننى "عِدت وزدت" في كشفها وتناول مسارات علاجها، قولاً وكتابة، منذ طرقت ابواب الإعلام بداية من صفحات مجلة مدارس الأحد، ١٩٩٢، وحتى باحات العالم الافتراضى المفتوحة، ٢٠٠٦، واتفقت كثيراً واختلفت أكثر، مع عديد من المتابعين، لكننا استطعنا، ان ننجو من شباك التلاسن واحتفظنا برقى الحوار، مع كثيرين، اتفاقاً واختلافاً. وتجنبنا من يصر على شخصنة الخلاف وجره الى قاع مدينتهم المظلمة.

لذلك اختلف هنا مع من ينمط الناس حوله على اسس دينية او اجتماعية او اقتصادية طبقية فى  العلاقات الاجتماعية، فقد باتت محل تشوه سواء كانت بين اقارب بالجسد او بالانتماء الدينى أو الاجتماعى أو حتى الوظيفى، أو بين المختلفين فيها.

وهو تشوه صنعته عوامل عديدة لعل ابرزها انهيار مكونات الثقافة ربما عن عمد، مع الصراعات السياسية والانقلابات الاقتصادية التى دفعتنا للتنكر لقيمنا المصرية الأصيلة، والانبهار بمنظومة حياة التصحر، سواء عندنا أو فى مجتمعات الثراء النفطية القاحلة والمحدثة.

ودعم التشوه الانقلابات الدينية عند كل الأطراف، حين تولى امرها انصاف العارفين وارباع الأمناء، والحاملين لأمراض الضعف البشرى، غير المتحققين خارج دائرة الدين ودروبها، مع دهاء وتحالفات بين الأضداد، لتتحول الساحات الدينية الى بورصة مصالح تعلو وتهبط وفق رؤى مريضة.

كانت النتيجة كل هذا المسخ الذى نعيشه ونأسى له ويجد من يغذيه، ولا نقدر ان ننزعه من حقولنا التى اختلط فيها القمح بالزوان الذى مازال يزرع ومازال الناس نياماً.

سنعود اسوياء عندما نسترد منظومة قيمنا المصرية، ونستبدل أوراق التين بأقمصة من جلد الوعى الإنسانى المبنى على محبة حقيقة وادراك لمفاهيم التكامل.