حمدى رزق
يا فرحة جماعة الساحل الشرير، وحتى جماعة الساحل الطيب شامتين فى جماعة الشتاء الدافئ، الأرصاد الجوية تتحدث عن «منخفض سيبيرى» يسود البلاد مفتتح الشتاء (21 ديسمبر)، ما يخلف صقيعا مريعا وأمطارا غزيرة، وشبورة وخيمة على الطرق تستوجب الحذر من قائدى السيارات.
جماعة الشتاء يا طول لياليه فى أسرَّتهم الدافئة مغتبطون كالأطفال بمطر الشتاء، يكاد الكائن الشتوى منهم يغادر البطانية واللحاف، ليلهو تحت زخات المطر، وينشد أنشودة الأطفال، «يا مطرة رخى رخى..»، أصلها فرعونى ابتدعها المصرى القديم ابتهاجا بسقوط الأمطار، يبدو أن الفراعنة كانوا كائنات شتوية، ويسأل فى هذا الدكتور«زاهى حواس»، وهو كائن صيفى تماما متعدد الأسفار، وأظنه سيكتشف لاحقا أهرامات مطمورة فى ثلوج سيبيريا.
بحثت طويلا عن «المنخفض السيبيرى» الذى يعكنن على المصريين، منخفض مزعج يحرك السحاب اصطكاكا فتهطل الأمطار، ويسرى فى الأوصال برودة ثلجية تتجمد منها مياه الحنفية.
حقيقة لم أعثر على هذا المنخفض فى محركات البحث، فحسب وقعت على توأمه، المرتفع السيبيرى (أو الآسيوى)، وتعريفا هو مركز ضغط جوى مرتفع شبه دائم يتمركز نحو القطب الشمالى فوق خط العرض 45 شمال شرق سيبيريا.
يبدو أن خبراء الأرصاد اختلط عليهم الأمر، تدقيق المصطلحات مهم، والتعريفات العالمية تذهب إلى المرتفع السيبيرى لم تسك بعد المنخفض السيبيرى، ولكنه تجويد مصرى حميد، اشتقاقا من انخفاض درجات الحرارة لحد التكتكة، ارتعاد الأطراف السفلية تحت اللحاف.
سواء منخفض أو مرتفع سيبيرى، بصدد كتلة ضخمة من الهواء البارد تتجمع فوق منطقة سيبيريا شمال شرق أوراسيا، ولأن ضغط الهواء البارد مرتفع، يسود ضغط بارد مرتفع فى المناطق التى يؤثر عليها، وتنخفض فيها درجة الحرارة.
جماعة الشتاء يا طول لياليه، يستدفئون بكلمات الرقيق «مأمون الشناوى» بصوت طيب الذكر «فريد الأطرش»، صوته شتوى من حنجرة حزينة، يشدو «وآدى الشتا يا طول لياليه/ على اللى فاتُـه حبيبه/ يناجى طيفه ويناديه، ويشكو للكون تعذيبه».
تحس أن العم مأمون (الله يرحمه) كان من جماعة الساحل الطيب، الشتاء لم يستغرق سوى بيتين من أبيات أغنية «الربيع»، وتفرغ لـ «شدو البلابل» على الشجر ربيعا.
لله فى خلقه شؤون ناس تحب الشتاء، وناس صيفية المزاج، أعتقد أن الخريف بين الفصول مصنف «ساقط قيد»، فصل غريب يلتهمه جحيم الصيف.
استدعاء المنخفض (المرتفع) السيبيرى، وما أدراك بثلوج سيبيريا، يعالجونها هناك بشوربة الكرنب، ومزيد من المشروبات الروحية، يلزمنا مراجعة خرائط الطقس الوطنية، رسم خريطة طقسية جديدة لمصر من لزوميات التقلب الحاد فى الطقس، ما بين شتاء سيبيرى، وصيف استوائى، الناس استوت على الجنبين.
كتبت سابقا، هرمنا على قاعدة مناخية راسخة رسوخ الجبال الرواسى، فى وصف الحالة المناخية المصرية تقول: «حار جاف صيفًا دافئ ممطر شتاء»، يقينًا باتت ماضيًا، وبالأحرى اختصار مخل لطقس مختل، قاعدة أطاحها المنخفض السيبيرى إياه، أخشى من شتاء هذا العام الذى تحذرنا الأرصاد كونه زمهريرًا سيبيريا مثلجًا!.
بتنا وأصبحنا لا نميز شتاء بين أيام شهر طوبة «يخلى العجوزة كركوبة»، وأمشير «أبو الزعابيب الكتير ياخد العجوزة ويطير»، ولا نفرق صيفًا بين برمهات «روح الغيط وهات» وشهر برمودة «الذى دق العامودة»، أى دق سنابل القمح بعد تمام نضجها، حقا الشهور تشابهت علينا.
نقلا عن المصرى اليوم