الخدمة الشماسية في تسبحة سهرات كيهك ١٧٤١ ش
القمص أثناسيوس فهمي جورج
خدمة الشمامسة هي عبادة تسبيح مع الملائكة- وهي خوروس χορος ترتيل حلو بكلمات لاينطق بها وبنغم روحاني سماوي ، سبق ووضعه آباء الكنيسة منذ قرون ليكون تسبيح بالروح والخشوع والذهن - فيه نرفع قلوبنا نحو من يسمع الصلاة وياتي اليه كل بشر . صلاتنا ناحية السما الي اعلي ، وهي لله وليست للناس ، نقدمها بانسجام وهارموني αρμονιος وتألف ، في سمفونيا لن تكون ابدا بالعزف المنفرد الذاتي ، بل بعبادة جماعية تشترك في الاعتراف بالجميل لله ، وبالمجاوبة αντιφωνον ( الانتيفونا ) صوت مقابل صوت بالتبادل ، من غير نشار ولا كبرياء ولا استعراض ، حتي لاتنتج عبادة προσκυνησις مرفوضة أو مغشوشة لدي العارف قلب كل أحد . صلى في خفاء قلبك ، ورتل في ذهنك لأنه من فضلة القلب يتكلم اللسان ، وتابع بكل الحرص والفهم ما هو مكتوب في الابصلمودية الكيهكية ، فربما لايأتي علينا امثال هذه الأيام ثانية ، خاصة ونحن في زمن اختطاف. لان خدمة التسبيح والعبادة ليست تتميما لطقوس وليست مجرد تلاوات لقراءات وادوار وحركات لكنها العقيدة الانجيلية التي نؤمن ونعتقد بها ونعيشها ونتلذذ بفهمها ، ولا ننسي ان هذا الشهر هو شهر رعوي بامتياز فكونوا حريصين علي ان تكونوا قدوة في احترام المقادس وايقونة لخدامها صفوف غير المتجسدين في البشر . عبادة بغير رياء ولا كبرياء ولا ذاتية ولا شكلية " كسراق اللاهوت " الذين يسرقون مجد الله ويضعوا انفسهم مركز الحدث . ولنتنبه جدا لتكون حركاتنا برزانة والتزام الوقار والصمت ، ليكون تسبيحنا تقديسا للداخل لا عرضا او استعراضا لمتفرجين هم في محله العابدين الذين يبتغون حسن العبادة ونوال البركة تلك التي تحجب بركاتها (المظهرية والضجيج والتباهي ) .
مسيحنا هو مركز العبادة الليتورجية ومحورها وليس أحد غيره يستمع الهمسات والانين والطلبات ، لذلك احرص أن تتهامس معه بلجاجة ، و أن تتخذ من هذه الأيام فرصة للتوبة والتغيير ، لأنها زمن استعداد وتهيئة لاستقبال المولود مخلص العالم كله ومخلص نفسي . فتكون اسهارنا ذبائح θυσία حية وعبادة مرضية بفهم و من غير عجب ولا فضولية أو روتينية . كذلك لابد أن نتسابق لنقدم بعضنا بعضا بالمحبة والأدب الروحي ، لان الذي نتكلم معه ونقدم له العبادة قد سبق وانحني وغسل ارجل الجميع ونشفها بالمنشفة حتي نفعل نحن هكذا بعضنا بعضا بالاقتداء μιμησις ... ملتزمين بضبط إيقاع الخدمة وتوقيتها حسب التدابير الرعوية . طقسنا ταξις الليتورجي القبطي موضوع ليكون مبدعا قنوعا مرتبا ومهيبا ، فلا ننشغل عن فهم مقاصده ولا نتحرك عبثا من اماكننا ( موضع خدمتنا ) διακονικον الا فقط فيما اقتضي حسب الضرورة . لان حديثنا وانشغالنا كله ينبغي أن يكون الي فوق !! عالمين أن اي محادثات أو ارتباك إنما يشوش مناخ العبادة وقدسيتها . فلا تكن انت مسببا لاي طياشة او تشويش ! . بل ابقي في سكون مشاركا التسبيح في القلب وليس فقط في الميكروفونات !! مرتلا مع اخوتك باشتياق وانجماع للحواس وصراخ نحو لله ، حينئذ تتذوق نعمة التمجيد δοξολογία والمناجاة والحضرة التي تنقذ من فخاخ السقوط والموت . ليت تسبيح ألسنتنا يعزف لحن اللاهوت باوتار قيثارة التقوي والتعظيم والفهم واللهج " ترنيمة جديدة " مرضية كصوت جمع كثير تتردد اصداؤها لمجد الروح ، تسبيح حلو كالعسل في الحناجر يشق عنان السموات ويحطم اوثان القلوب ، يصيرنا "بالمسيح " زينة العالم κόσμου κόσμος . مدركين بوعي !! مع من نحن نتكلم ؟! ولحساب من نخدم !!! والا فلا اظن اننا ننال شيئا من عند الله ( يع ١:٧ ) بل وتبقي أعمالنا نحاسا يطن و صنجا يرن ( ١كو ١٣ : ١ ) . فليكن تسبيحنا محسوبا عند اله المجد ... تتجمع فينا كل الحواس و نناديه قلبي ولساني للثالوث يسبحاني ايها الثالوث القدوس ارحمنا . له المجد مع ابيه الصالح والروح القدس في كنيسته الي الدهور كلها .