د. وسيم السيسي
إنه العملاق عباس محمود العقاد، كان سعد باشا زغلول يطلق عليه: الجبار، سألته صحفية: حدثنا عن نفسك يا أستاذ، قال: لا بيه ولا باشا، ولكنى أقول للبيه والباشا: كلا وحاشا، ولى قلم مرهوب الصرير، وكلمة مسموعة النفير، مع أنى لا صاحب جريدة ولا رئيس تحرير، ولى أعوان وأنصار، مع أنى لا عمدة ولا صاحب دوار، حاربت الديكتاتورية والشيوعية والنازية والإخوان، ولكن ربك الموجود قال: العقاد أدوهم وأدود.
جدير بالذكر أن العقاد أول مَن قال إن حسن الساعاتى كان يهوديًّا مغربيًّا، وكان عضوًا فى المحفل الماسونى، فأخذ لقب البنا، «مفرد البنائين»، كذلك جدير بالذكر أن سيد قطب كتب مقالة بعنوان: لماذا أصبحت ماسونيًّا!.
بعيدًا عن السياسة، أحب العقاد سارة، مديحة يسرى، المصلية، مى زيادة، كان قريبه زاهر أفندى يقيم فى فندق صغير، ذهب إليه، وجد واحدة تُطعم الديَكة الرومية مكرونة، قال لها: أرى الديَكة أصبحت إيطالية!، قالت: على هذا القياس هى مصرية إذا أكلت الفول، إنجليزية إذا أكلت البطاطس، هندية إذا صبرت على الصيام الطويل! استملح العقاد ردها، قال: يا آنسة.. قاطعته وقالت: ربة بيت وأم!. قال العقاد: أين علامة الزواج «الدبلة»؟!، قالت: هذا أمر شرحه يطول!، ولكن خبرنى: فى أى مزعج من مزعجات الحياة تعمل فيه؟.
قال: هذا أمر شرحه يطول!، قالت: سريع الانتقام!، قال: ليس مع كل الناس!، قالت: تحيات وغزل، وعما قريب: عيناك، ووجنتاك، وأهواك ولا أنساك إلى آخر هذا الموال المحفوظ!، قال: ولماذا عما قريب؟.. الآن!.
قالت: متعجل وجرىء!، قال: إوعدينى وأنا أكون أصبر من أيوب!، قالت: مغرور، كلمتان، ويعتقد الرجل أن المرأة مجنونة بهواه!، قال أو مجنون بهواها؟!، جاءت ماريان، صاحبة الفندق، وقطعت الحديث، انصرف العقاد، وبعد قليل، تليفون من سارة: هل كنت تنتظر هذه المكالمة؟، قال: كنت أتمناها، وبدأت قصة حب جميلة، ولكن نهايتها كانت مأساة. قال فيها:
ماذا من الدنيا لعمرى أريد/ أنتِ هى الدنيا فهل من مزيد
والحب إن لم يكن معكِ/ فهو لغو باطل لا يفيد
ولما اكتشف خيانتها قال:
وُلد الحب وا مزحتاه/ وقضى فى مهده وا أسفاه
مات لم يدرج ولم يلعب ولم/ يشهد البلوى ولم يعرف أباه
حاولت سارة أن تسترضيه، قال:
تريدين أن أرضى بكِ اليوم للهوى/ وأرتاد فيكِ اللهو بعد التعبد
إذا لم يكن بد من الحان والطلا/ ففى غير بيت كان بالأمس مسجدى
كانت صدمة كبيرة للعقاد، حتى إنه طلب من صديقه، الفنان الكبير صلاح طاهر، لوحة عليها تورتة وعليها حشرة تعافها نفسه. المؤسف أن خيانة سارة انعكست على نظرته للمرأة عمومًا. قال:
خَلِّ الملام فليس يُثنيها/ حب الخداع طبيعة فيها
خُنْها ولا تُخلص لها أبدًا/ تَخلص إلى أغلى غواليها
وكان يحذر الرجال: الويل كل الويل للرجل الذى تثق فى مكانتها عنده!. تفرغ منه كى تنظر تأثير جمالها فى سواه، وكان يقول: إن النساء لا يخرجن من دور الطفولة، ولهن فى كل دور ألاعيب وسفاسف، ولا يعجبهن الفلاسفة والحكماء، بقدر ما يعجبهن قرود الرجال الذين يعرف كل منهم كيف يمتدح قوامها وتسريحة شعرها وفستانها.
سترى فى المقالات القادمة كيف تغيرت أفكاره حين وقع فى هوى ابنة العشرين، وهو ابن الستين!.
عجبًا والدهر لا يفنى أعاجيب الحياة/ مفرق شاب نشب الحب فى قلب فتاة!.
فإلى لقاء مع العقاد، الأسبوع المقبل.
نقلا عن المصري اليوم