منى مكرم عبيد
من المؤسف أن يمر اليوم العالمى لحقوق الإنسان دون أن يكون للمجلس القومى لحقوق الإنسان فى مصر بصمة واضحة ترد على التوصية الصادرة عن اللجنة الفرعية للاعتماد التابعة للتحالف العالمى للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI)، بخفض تصنيف المجلس القومى لحقوق الإنسان المصرى إلى الفئة «ب».

ففى السابق حقق المجلس نجاحات كبيرة، وأصبح طرفا فى المعادلة فيما يخص حقوق الإنسان فى مصر، ومرت عليه شخصيات عديدة، منحت المجلس بريقا ملحوظا، والاشتباك مع قضايا المجتمع بشكل ملحوظ، منهم - مع حفظ الألقاب ـ بطرس غالى، أحمد كمال أبوالمجد، حافظ أبوسعدة، نبيل حلمى، محمد فايق، مخلص قطب، عصام شيحة، ومحمد أنور السادات، وغيرهم، لكن الآن تراجع دور المجلس، ولم يعد كما كان يراه البعض.

وسبق أن حصل المجلس على الفئة «أ» من اللجنة الفرعية فى عامى ٢٠٠٦ و٢٠١٨، ومن ثم لابد من النضال كى يعود مجددا، خاصة أن الإرادة السياسية تدعم هذه المنظومة، وتود منح مؤسسات الدولة المختلفة دورا أكبر فى الاستقلالية والعمل من أجل خدمة المواطنين.

وما حدث دعانى أعود للذاكرة وكيف كانت البدايات لحركة حقوق الإنسان فى مصر، وعملى مع فتحى رضوان فى تأسيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أو تأسيس جمعة النهضة بالتعليم، والتركيز على التربية المدنية، وأيضا عضويتى فى المجلس القومى لحقوق الإنسان ورئاسة لجنة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والعمل مع الوزير المحترم محمد فائق، والاشتباك مع قضايا حقوقية عديدة فى المجتمع، والانتصار لحرية الرأى والتعبير، فتح المجال العام، الاهتمام بالحقوق الاقتصادية بشكل لا يقل أهمية عن الحقوق الاجتماعية، وكلنا لاحظنا تأثير برامج كفالة وكرامة على الأسرة المصرية، وربطها بإعفاء الأبناء من رسوم التعليم، أيضا حملات الصحة فيما يتعلق بفيروس سى، وبرامج مختلفة لم تكن مدرجة من قبل على أجندة الدولة المصرية.

الآن يمر ٢٠ عاما على تأسيس المجلس، ولابد من الاحتفاظ بالتصنيف فئة (أ)، لأن مصر أولا تستحق هذه المكانة، كذلك المجلس، بتاريخه وخبرات الشخصيات التى مرت عليه، يستحق ذلك، وكذلك لنضال الحركة الحقوقية المصرية، فمنذ أن شارك محمود عزمى فى صياغة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ١٩٤٨، ومصر لها بصمة واضحة فى الحركة الحقوقية العالمية والإقليمية، وآن الأوان للعودة لنفس المسار.

نصيحتى للمجلس بسرعة إصدار تقرير حالة حقوق الإنسان فى مصر قبل أن تنتهى ولايته، فمنذ أربع سنوات ولا يوجد تقرير سنوى، بعد أن كان فى السابق يصدر سنويا ويترك أثرا واضحا فى الشارع المصرى.

ونصيحتى للحكومة بضرورة منح مجلس الشورى صلاحيات أكبر فى اختيار أعضاء المجلس، خاصة أن هذه الجزئية كانت نقطة ضعف فى تصنيف المجلس، وبالتالى لابد من علاجها سريعا، كى يعود المجلس للطريق الصحيح.

نصيحتى للحركة الحقوقية الاستمرار على نفس المسار فى تقديم رؤية نقدية لأوضاع حقوق الإنسان بشكل عام، وعدم ترك الساحة لجماعة سياسية محظورة تقوم بتأسيس كيانات وهمية تروج لأجندة سياسية لا علاقة لها بالحركة الحقوقية، وتعمل على تغيير صورة المجتمع الحقوقى الدولى عن مصر، وإهدار سنوات عديدة من النضال.

مصر غنية بأبنائها، لديها تنوع كبير يمكن الاختيار من بينهم، وإذا كانت الرغبة فى منح قيادات شبابية الفرصة فلابد من الانتقاء، على المستوى الشخصى أتعامل مع شباب وشابات مصر، وأجد الكثير منهم لديهم طاقات كبيرة وأفكار عظيمة، ينبغى الاستفادة منهم، بدلا من منح الفرصة لبعض المتسلقين الذين يبحثون عن مناصب وألقاب، ولا يقدمون لبلدهم ما يستحق.
نقلا عن المصرى اليوم