Oliver كتبها
- لما نالت العذراء القديسة مريم البشارة ذهبت مباشرة إلى نسيبتها.ما أن قالت سلاماً حتى أشارت إليها أليصابات بأنها أم الرب الحى و مصدر حياة كل إنسان.لأنها قبلت الكلمة داخلها فخلصها و خلصنا.هذا هو المشهد الأول للخليقة الجديدة.كان المشهد الأول للخليقة القديمة هكذا: نام آدم الآول و لما إستيقظ وجد حواء مخلوقة من ضلعه.
 
أشار إليها بأنها حواء أى أم كل حى.كانت حواء عذراء حين قبلت الكلمة من إبليس فحبلت  بها و ولدت الخطية الأولى.(مقتبس بتصرف من  يوستينوس الشهيد فى دفاعه لتريفون اليهودي في القرن الثاني). و بدلاً من أن تصير حواء الأولي أم كل حى أصبحت أم كل ميت. 
 
- حين نفهم العلاقة بين حواء الأولي و حواء الثانية يمكننا أن ندرك ما بين آدم الأول و آدم الثاني المسيح الرب من السماء.لأنه إن كانت الخليقة الأولي بدأت بآدم و إختتمت بحواء فإن الخليقة الجديدة بدأت بحواء و تحققت بآدم الحقيقى المسيح يسوع.إنشغال الفكر بالتسبيح ليس لنمتدح العذراء و فقط لكنه إنتقال روحى لنفوس المؤمنين لكي يعيشوا نفس لحظات البشارة و تسابيحها.و لأنه لا يمكن الإقتراب من البشارة إلا بالإقتراب من العذراء مريم لذلك نمتدحها كمن يضع نفسه شريكاً فى نعمة البشارة بالتجسد.  
 
- منذ نالت العذراء البشارة الإلهية إنغمست أفكارها في التسبيح.حاوطتها التسبحات أينما ذهبت.هى تسبح و أليصابات تسبح و زكريا الكاهن يسبح.لأن عقدة اللسان البشرى إنفكت حين حل الكلمة  فى أحشاء البتول.
 
لأن أى تسبيح بغير المسيح باطل.هو كلام من العالم و إلى العالم.أما في الحضور الإلهي فإن الخفيات تُعلن و عبارات الأنبياء العميقة تتوضح و ما لم يكن يُنطق به يصير منطوقاً.لذلك سبحت العذراء مبتهجة بالخلاص و سبح زكريا الكاهن لأجل الخلاص من أعداءنا. لو 1 :47 و 71. عبارات الخلاص لا يمكن أن نفهمها إلا بوجود مخلص البشر يسوع المسيح.لذلك مع البشارة تنشغل الكنيسة بالتسبحات.
 
- فى القداسات تتحول أحشاء كل المؤمنين إلى أحشاء عذراوية.تصير الصلوات و التقديسات بشارة تنهمر على مسامعنا.الشمامسة على الدفوف تكرر صيحة أليصابات. و الكاهن يحمل الشورية كما إستضاف زكريا مريم العذراء في بيته.تكثر الصلوات ثم يعلو صوت الكاهن أن القدسات للقديسين كصوت المعمدان يقدم المسيح للشعب الذى أبصر نوراً عظيماً.
 
ثم تحل أقدس اللحظات حين نتحد بجسد المسيح.نحمل الكلمة الذى حملته البتول مريم.نأخذه أينما سرنا و يأخذنا فيه و معه إلى المدارك العلوية.فى القداسات كل البشارة.كل شخصيات البشارة .لقاء القديسين المتجدد بالقدوس.
 
- أكثر الألحان التى تصف العذراء في الكنيسة مأخوذة من عبارات وعظ بها القديس كيرلس الكبير.فالكنيسة تمجد العذراء منذ نشأتها.للقديس أبيفانيوس أيضاً عبارات كثيرة أسست نصوص فى ألحان الكنيسة و ليس تكريم العذراء و تمجيدها أمراً جديداً.كتابات القديس يوحنا ذهبي الفم أدت نفس الدور في الكنيسة السريانية  و ما إفرام كمل الأناشيد الناقصة.كانت كلماتهم درر فأخذتها الكنيسة ألحاناً ضمن صلواتهافى ذلك الزمان ساد الإيمان الواحد فتنبادلت الكنائس ألحانها و حتى موسيقاها.
 
- كما إمتدحت أليصابات العذراء منذ اللحظة الأولى هكذا بعد أن تخاطب الثالوث و تتأمل في إحسانات الرب   تمتدح الكنيسة العذراء  لأنها النموذج الأصلي  للكنيسة.نأخذ العذراء شريكة الصلاة و معينة نظيرة إذ هى حواء الثانية التي منها تجسد إبنها و خلصنا.و حسناً عبر القديس أمبروسيوس عن حواء الجديدة قائلاً (حواء مثل السحابة التي تمطر على الأرض نعمة المسيح؛ لأن مطر هذه السحابة المقدسة قد اخبر به الآباء أنه خلاص العالم. هذا المطر الذي أطفأ عطش حواء. وهذا العطر الذي طرد نتانة الخطية) لنتأمل كيف أن نصوص الألحان مدرسة للإيمان تقدمها الكنيسة بموسيقي روحية تربط النفوس  بالسمائيات لكي نوجد هناك بالروح و النفس و الجسد.
 
- الوحى المقدس إستخدم العذراء القديسة مريم لتكون المصدر الذى منه أخذ  القديس لوقا الرسول الإنجيلي هذه الأحداث و البشارات و التسابيح.لأن العذراء هى الشخص الوحيد المشارك فيها و وقت كتابة الإنجيل كانت بقية شخصيات البشارة قد رحلوا عن العالم.فالبشارة (الإنجيل) مأخوذ من العذراء المعنية بهذه البشارة(ميلاد الرب).
 
- رغم صمت العذراء المتواصل لكنها لم تسكت عن الشهادة لإبنها الوحيد الجنس.لم تنفرد بالبشارات و التسابيح و لا خبأت أحداثاً سمائية كانت طرفاً رئيسياً فيها.لأن البشارة  كما هى للعذراء فإنها  من أجل العالم كله .فلم يحجبها الروح عنا و لا حجبتها العذراء .التسابيح جماعية في الكنيسة كما في السماء.و الذى ينتهز فرصة التسبيح ليطغي صوته علي الباقين فإنه يشذ  عن التسبيح السماوى.يخرج عن لسان الكنيسة منسحباً عن تسبيح الله إلى تسبيح نفسه.فلنحذر لئلا نحسب مسبحين لذواتنا.
 
- إذا كان كتاب ياشر التاريخي قد ضم الأشعار و الأناشيد التي قيلت في معجزة دوام الشمس بلا غروب بصلاة يشوع بن نون يش10: 13 2صم1: 18. هكذا تعد مدائح كيهك التراثية كأنها أشعارسفر ياشر التى تنشد بدوام بتولية أم شمس البر التى لا تغيب.المرتلون الكبار هم الذين حفظوا للكنيسة ألحانها ال575 لحناً و من الأمانة أن نذكر دور الأستاذ د راغب مفتاح   (1898 – 2001م)الذى حفظ ألحان ليتورجية القداس و قد أطال الله عمره حتى أكمل وضع النوتة الموسيقية لكل القداس و أكثر ألحان الكنيسة.
 
أما مدائح كيهك فإن لها مصدران.الأول ميامر مجهولة المصدر و الثاني هو تأليف مرتلى الكنائس فى العصر الحديث بدءاً من القرن الثامن عشر و حفظوها لنا .هى مدائح ثمينة  لكنها لم تخضع لأى مراجعة منذ تأليفها لذلك رغم جمالها فما زالت تحتاج إلى المزيد من التدقيق و التقنين و المراجعة و الضبط اللغوى و الروحى.
 
- عمل القربان في الكنيسة مرتبط بالبشارة المجيدة للعذراء.لذلك في أصل الطقس أن الشمامسة يصلون أثناء خبز القربان كل المزامير التي ورد فيها نبوات عن التجسد الإلهي.و يكون جميع من يعمل القربان صائماً.كأن أحشاءه كأحشاء البتول تنتظر التجسد ليكون خبزنا الآول.لا يصرح بالكلامك أثناء خبز القربان كأنهم يتشبهون بمخافة العذراء فى نوالها البشارة.بيت القربان الأول هو الناصرة.و بيت لحم في كل كنيسة هو ناصرتها.
 
نالت أم النور البشارة و صارت كمذبح متنقل .بقلب مفتوح كالكنيسة أينما ذهبت.خادمة و خدومة.لأن بالخدمة وحدها نتمتع بثمار البشارة المقدسة.الروح القدس إختص المؤمنين بالمسيح وحدهم بالسكني فيهم.لكي نتأهل لتقديم المسيح أينما ذهبنا .و كما قرأت أليصابات أحشاء البتول يصير المسيح مقروءاً للناس من خلالنا.و كما ركض يوحنا الجنين بإبتهاج فى بطن أمه فليرقص كل قلب مبتهجاً بهذا الخلاص العظيم الذى أكمله إبن الله بالجسد.