أشرف حلمي
إنسانة معروفة كنسياً نشأت بمدينة الإسكندرية ، والدها رحمة الله طبيب معروف ، حاصل على اعلى الشهادات الطبية من الخارج ، كان طبيب عائلتي في الثمانينات والتسعينات ، لمست فيه الطيبة والحنان والإنسانية كما كان معروف عنه ، تعاملت معه ايضا خارج عيادته عندما كان يذهب الي المستشفى الحكومي ماشيا علي الاقدام أيام الشتاء القارص مرتديا حذاء بوط في طريق غير مسفلت ، وسط الوحل والطين تاركاً سيارته بعيداً قريباً من الطريق العام ،لعلاج فقراء المرضى بكل حب بدون تفرقة ، كما كان معروفا عنه وبشهادة جميع من عرفوه .

ورثت ابنته صفاته من محبة الجميع وخدمتهم دون تفرقة فهى ايضا وصية الإنجيل ، مرت منذ بداية هذا العام بتجربة من أصعب التجارب في حياتها ، فقد توفى والدها الكريم واصيبت بكسر بالعمود الفقري ومن بعدها اصيبت بمرض الفردوس " السرطان " ، ثم تأتي الكارثة لتفاجأ بأخذها عنوة من منزلها دون رحمة مع بدء علاجها الكيميائي ، وقبل اكتمال التئام كسر العمود الفقري ، وسط توسلاتها والدموع تنساب من عينيها تسألهم من انتم ، وهل معكم اذن نيابة ، فلم يبرزوا اي اثبات او اذن نيابة ، وكان التعامل معها بحدة ، ترجتهم كثيرا أن يمتنعوا عن التدخين فى منزلها لإصابتها بحساسية شديدة بإلاضافة لمرض السرطان ، بل منعوها من تناول أدويتها وعدم السماح لها بقضاء حاجاتها ، ناهيكم انها عندما ارادت تغيير ملابسها ، تم فتح الباب عليها بعنف ، وتم ترحيلها في سيارة دون أن تعلم اى شئ عن الجهة المسؤولة التي قامت بذلك والجهة المتجهة اليها ، على مدى ساعات تتألم بسبب مرض السرطان وعدم اكتمال التئام كسر العمود الفقري ، برغم وعدوها انها ستشهد فى قضية بالقسم التى تتبعه بالاسكندرية ولن يقتضى ذلك سوى بضع دقائق .

لم تكن تدرى ما يحدث حولها الي وجدت نفسها بأحد اقسام الشرطة لمنطقة شعبية لا تعرف فيها أحدا ، تم معاملتها معامله قاسية بعيدة كل البعد عن الإنسانية في الوقت الذي تعاني فيه آلام المرض وتحتاج رعاية خاصة ، طلبت ان يرحموها او يسمحوا لها بالاتصال بمحامى او احد اقاربها دون جدوى ، بعد أن نزعوا عنها هواتفها المحمولة من اللحظة الاولى لدخولهم منزلها .

تعاطف معها مأمور القسم و أحد الضباط عندما اكتشفوا أنها لم تفعل اى شىء ، ولكن هناك بالقسم من كان لهم راى آخر فى إذلالها وهى مريضة ليس لجرم اقترفته ، ولكن لأمر يعلمه الله سبحانه وتعالى .

تم التحقيق معها واكتشفت ان كل تهمتها أنها ، قامت بكتابة منشور علي صفحتها بموقع التواصل الإجتماعي الشهير فيسبوك عن إعتداء متطرفين علي بعض الاقباط بعد ان انتشر فيديو يظهر فظاعة الاعتداء بالضرب وقذف الطوب والكراسى وناس تصرخ يطلبون الحماية ، فاهتزت قلوب الكثيرين من المصريين تعاطفا مع المشهد، من ضمنهم هذه الانسانة التى نشرت بأسلوب راقي كما هي معروف عنها لدي العديد من الأخوة المسلمين الذين عضدوا موقفها وساندوها معنوياً خاصة في مرضها ، احبها اخوتنا المسلمين لاسلوبها الراقى فى المحبة والدفاع عن المسلم المظلوم كما ايضا المسيحى المظلوم، فهى دائما تتعاطف مع المظلومين .

العجب كل العجب ان كثيرون نشروا والبعض من فظاعة المنظر تجاوز والبعض شتم، فلماذا تم التعامل بهذه القسوة، مع هذه المسكية المريضة التى نشرت بإسلوب راقى كعادتها فى النشر.

هذه الانسانة لها مواقف رائعة مع الجميع، فهى تقوم بزيارات المدارس مع شيوخ وقساوسة لدعم المحبة، بل تزور ايضا مصابى الجيش والشرطة الشرفاء نتيجة اعتداءات الخونة، و صفحتها على الفيس بوك تشهد بهذا على مدى سنوات طوال .

تدخل أكثر من أب كاهن لدي المطران المسئول عن منطقة القسم للوقوف جوارها ، و لكنه دائما مشغول ، ناشدت نواب البابا بالإسكندرية بل ناشدت قداسة البابا واستنجدت فى شكوى مؤثرة على صفحتها على الفيسبوك ، ولكنهم مشغولين ايضا ، بل ترجت لأجل استكمال علاجها على أحد الاجهزة بمستشفى ٥٧ ، بسبب تأثير العلاج الكيماوي الذي انهك جسدها الضعيف ولا يوجد هذا الجهاز الوحيد الا بهذه المستشفى ، و لكن لم يستجيب أحد لصراخها وآلامها.

يأست المسكينة حتى من العلاج ، فلماذا تتعالج المريضة المغلوب علي امرها وهناك من يتربصون لها ظلما ؟!!

تخشى ان تخضع للجراحة لربما يقتحم أولئك منزلها ، فلن يرحموها كما فعلوا من قبل ، و هذه جراحة كبيرة وخطيرة ومطلوبة على وجه السرعة .

هذه الانسانة تعرضت من قبل لمضايقات ولكن كانت ثقتها كبيرة فى الاصلاح، فلم تلتفت للأخطاء الفردية وصمتت وسترت لأجل صالح الغالية مصر التى تحبها هذه الوطنية المخلصة ويحبها جميع الشرفاء فهى وطننا الغالى.

وأخيراً بعد أن فقدت الأمل رفعت المسكينة شكواها إلى السماء كما فعل قداسة البابا شنودة الثالث لدى وقوع أبناءه في مشكلة وعجزت الإنسانية عن حلها .
فهل تجد هذه الإنسانة من يحنوا عليها من آباء المجمع المقدس والوقوف جوارها لرفع الظلم عنها ؟! خاصة وهم يعلمون أن علاج مريض السرطان يتطلب استقرار حالته النفسية .