محرر الأقباط متحدون
أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع المدبر الرسولي الجديد في الأناضول أنطوان إيلجيت، الذي عينه البابا فرنسيس يوم الاثنين الفائت ليحل محل المطران باولو بيتزيتي بعد أن استقال من هذا المنصب الذي يشغله من العام ٢٠١٥. الأسقف التركي قدم لماùù صورة عن الكنيسة في بلاده، وتوقف عند الأوضاع التي يعيشها السكان في المناطق التي ضربها الزلزال لافتا إلى أنها ما تزال صعبة وأن الكنيسة تنتظر لغاية اليوم إعادة إعمار الكاتدرائية.

استهل سيادته حديثه مؤكدا أن الثقة التي وضعتها فيه الكنيسة الأم تشكل مصدر تشجيع له، واعتبر أن التعيين يعكس تقدير البابا لإمكانات وغنى الكنيسة في تركيا. وأضاف أن الواقع المحيط به يحفزّه دائماً على الالتزام لصالح الناس، لاسيما الفقراء والمحرومين واللاجئين والشبان، لافتا إلى أنه يشعر بضرورة أن يكون راعياً يعيش وسط الشعب الموكل إلى رعايته، وأن يفعل ذلك استنادا إلى الميزات الثلاث التي يتحدث عنها دوماً البابا فرنسيس ألا وهي: القرب، الرحمة والرأفة. وقال إن النيابة الرسولية تحتاج إلى أسقف لا يدير شؤونها كرجل أعمال، بل كشاهد يصغي إلى الروح القدس الذي يخاطب الكنيسة وأعضاءها.

في سياق حديثه عن أوضاع الكنيسة الكاثوليكية في تركيا شاء المطران إيلجيت أن يتوقف عند الشبان الراغبين في إحداث تغيير، وتقديم إسهامهم لصالح الكنيسة وخدمتها. وقال إن الكنيسة المحلية مدعوة لأن تكون مضيافة حيال الجميع، خصوصا تجاه النازحين المسيحيين والطلاب الجامعيين الأفارقة الكاثوليك، بالإضافة إلى العديد من الحجاج القادمين من الغرب للسير على خطى القديس بولس، رسول الأمم. وأكد أن الكنيسة في تركيا لا تحب التباهي، بل جل ما تبحث عنه هو العيش بحسب كلمة الله التي تقدس الإنسان وتخلّصه، فضلا عن الشهادة لهذه الكلمة.

رداً على سؤال بشأن الحوار مع باقي الكنائس المسيحية وأتباع الديانات الأخرى قال المدبر الرسولي في الأناضول إن الكثير قيل وكُتب عن الحوار المسكوني والحوار بين الأديان، وهذا ما تعيشه الكنيسة المحلية في واقع حياتها اليومية. إنها مسكونية معاشة بين الرعاة الكاثوليك والأرثوذكس والأرمن، إذ يشاركون معاً في مختلف الاحتفالات والمناسبات. وهذه المسكونية معاشةٌ أيضا من قبل العديد من العائلات المختلطة. وهذا الأمر، مضى يقول، ينطبق أيضا على الأخوة والأخوات المسلمين وأتباع باقي الديانات، موضحا أن المواطنين يحاولون صب الاهتمام على القواسم المشتركة والعناصر التي توحدهم ويتجاهلون ما من شأنه أن يقسّمهم ويفصل بينهم. وقال إن القبول المتبادل والاحترام وواجب الضيافة والأعمال الخيرية كلها صفات تميّز تلك الأرض، وتساعد المواطنين على إرساء أسس التعايش، مضيفا أن المسيحين والمسلمين واليهود والأيزيديين كلهم مواطنون أسوة ببعضهم البعض، وكلهم يحبون وطنهم.

لم تخل كلمات سيادته من الحديث عن رعوية الشباب وقال إن الكنيسة التي تقف إلى جانب الشباب تعرف كيف تبقى شابة وجذابة. وقال إن خبرته في مجال العمل الرعوي علمته أنه يتعين على الكنيسة أن تتعلم الكثير من الشبان كي تتمكن من فهم لغتهم، مضيفا أن هؤلاء يحتاجون إلى مقترحات جادة تتلاءم مع التساؤلات التي يطرحونها. ولفت إلى أنه معجب جداً برغبة المؤمنين الشبان في الصلاة، وفي السجود للقربان وتلاوة السبحة الوردية، قائلا إنه يترك لهم حرية تنظيم اللقاءات وبهذه الطريقة يتعلمون تحمل المسؤوليات ويكتشفون جمال الدور الذي يقومون به.

في معرض حديثه عن الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في شباط فبراير من العام الماضي قال المطران إيلجيب إن العالم اليوم يشهد حروباً وأزمات وكوارث كثيرة وسرعان ما تُنقل الأضواءُ من ساحة إلى ساحة أخرى. وهذا ما حصل بالنسبة للمنطقة الشاسعة التي ضربها الزلزال، ومع أنه لا يُحكى عن هذا الموضوع إلا أن الوضع ما يزال خطيراً. وقال إن الحكومة تسعى إلى القيام بواجباتها فيما لا تزال الكنيسة تنتظر إعادة إعمار الكاتدرائية ويتم العمل حالياً على تذليل العراقيل البيروقراطية. وأضاف أن المهم هو وجود الجهوزية والإرادة الطيبة وأن قنوات الحوار مفتوحة دوما، مشيرا إلى أن شغله الشاغل يرتكز إلى الحفاظ على الحجارة الحية، ألا وهي المؤمنون المسيحيون المتواجدون في تركيا منذ ألفي عام تقريبا. وأوضح أن العديد من المؤمنين تركوا المنطقة بعد الهزة الأرضية متوجهين إلى مناطق آمنة، ولكي يعودوا إلى ديارهم إنهم يحتاجون إلى فرص العمل والمدارس والبنى التحتية وإلى الدعم كي يعيدوا إعمار منازلهم.

في ختام المقابلة تطرق المدبر الرسولي الجديد في الأناضول إلى الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط، وقال إننا لا نستطيع أن نقف غير مبالين إزاء ما يجري في المنطقة، ولا بد من الاصطفاف إلى جانب الأشخاص العاملين في سبيل السلام، مذكراً في هذا السياق بكلمات البابا فرنسيس الذي يقول إن الحرب هي دائما هزيمة. وأكد أن الشرق الأوسط هو بيتنا، وهناك من يسعى إلى تدميره، مذكراً بأن الله خلق هذا العالم كي نعيش فيه جميعاً كأخوة وأخوات بسلام ووئام. وهذه هي دعوتنا اليوم.