ياسر أيوب
خسرت أمامك أكثر مما انتصرت عليك.. وطيلة مشوارى لم يستطع أحد أن يتحدانى مثلما فعلت أنت.. وكنت أحد أهم أسباب نجاحى لأننى اجتهدت وتعبت كثيرا حتى أستطيع أن أنافسك.. وأنت أيضا الذى تعلمت منه لماذا ألعب وكيف أفوز وأن أحب ما أقوم به.. وكان ذلك بعضا مما قاله نجم التنس الكبير روجيه فيدرر فى رسالة وجهها للنجم الكبير أيضا رفاييل نادال الذى أعلن منذ يومين اعتزال اللعب.
وأى كلام مهما كان جميلا فإنه يكتسب جمالا أكثر وقيمة أكبر بمعرفة الذى قال ولمن قاله.. وحين نعرف أن المنافسة بين فيدرر ونادال على لقب اللاعب الأفضل أو المصنف الأول استمرت عشرين عاما منذ المواجهة الاولى بينهما فى ٢٠٠٤.. وحين نعرف أن أوروبا أعلنت أن المنافسة بين الإثنين كانت الأصعب والأطول والأكثر شراسة بين أى اثنين رياضيين فى أى لعبة وليس التنس فقط.
وحين نعرف أن فيدرر الذى كتب هذه الرسالة خسر أمام نادال ٢٤ من ٤٠ مباراة جمعت بين البطلين وخسر فيدرر ٦ من ٩ نهائيات لعبها الاثنان.. يصبح لكلام فيدرر أكثر من معنى.. أهمها وأجملها أن الفوز والخسارة فى الرياضة ومختلف ألعابها ليست دعوة للكراهية أو الحقد أو السخرية رغم أن المنافسة بين الإثنين على بطولات وجوائز دولية كبرى تأتى بشهرة ومكانة عالمية وكثير جدا من المال.
وتعنى أيضا أن الخسارة فى الرياضة هى فقط خسارة مباراة أو بطولة لكنها أبدا ليست خسارة نفس وأخلاق وكبرياء واحترام وحياة.. وتعنى أن الرياضى فى أى لعبة ممكن أن يخسر فقط لأن هناك من هو أفضل منه وليست بالضرورة خسارة نتيجة مؤامرة أو تحايل وغش وخداع.. ولهذا كان من الطبيعى أن يكتب فيدرر كل ذلك بمنتهى الصدق والحب والاحترام لنادال وهو يخرج من ملاعب التنس.
وقبل عامين كانت لحظة اعتزال فيدرر ونهاية حكايته مع التنس وملاعبه وبطولاته.. وكان من الطبيعى أن يبكى فيدرر وهو يودع اللعبة التى عاش لها ومعها أجمل سنين العمر وحقق فيها كل نجاحاته وانتصاراته.. لكن فوجئ الجميع بدموع نادال أيضا.. وحين سئل نادال عن سبب بكائه قال إنه لا يودع فيدرر كزميل يعتزل اللعب.. إنما يودع جزءا من قلبه ومن حياته أيضا حيث كان فيدرر شريكا له لسنين طويلة فى أجمل اللحظات وأكثرها فرحا أو حزنا.
وتوقف العالم وقتها أمام ذلك مثلما توقف الآن أمام رسالة فيدرر التى اختصر أجمل وأهم وأرق وأرقى معانى الرياضة.. أنافسك وأتمنى أن أفوز عليك ورغم ذلك سأبقى أحبك وأحترمك وأعتز بك وأحافظ عليك وأدافع عنك طول الوقت.
نقلا عن المصري اليوم