1828) - 1910)

بقلم /ماجد كامل
"حيث  توجد المحبة يوجد الله  " هي قصة قصيرة توجد ضمن مجموعة 23 قصة قصيرة للأديب الروسي العالمي  ليو تولستوي (  1828- 1910  ) بعنوان "سيروا في النور " "Walk in the Light 23 Tales by Tolstoy وكلها تجسد معاني مسيحية وإنسانية رائعة ؛ من بينها هذه القصة التي نحن بصددها ؛ وهي تحكي بإختصار عن إسكافي عجوز يدعي "مارتن أفريش" وكان يعيش في حجرة صغيرة تحت الأرض ويوجد بها نافذة صغيرة لا يري منها إلا أحذية السائرين في الشارع ؛

ولكنه مر بظروف نفسية صعبة  بسبب وفاة أبنه الوحيد ؛فنصحه شيخ مسن تقي بالمواظبة علي قراءة الكتاب المقدس يوميا حتي يجد  فيه نبع العزاء ؛ وذات ليلة  وبينما كان يقرأ قصة سمعان الفريسي وكيف عاتبه الرب يسوع لأنه لم يعط ماء لرجليه ؛ولم يقبله ؛ ولم يدهن رأسه ؛ وهنا سأل نفسه سؤال "إذا جاءني يسوع ضيفا ؛هل سأعامله كما عامله سمعان الفريسي ؟ " ثم ذهب لينام وفيما هو بين النوم واليقظة سمع صوتا يرن في أذنيه يقول له "مارتن ... أنظر إلي الشارع جيدا لأني سوف أزورك غدا " أخذ مارتن يتطلع من النافذة كلما رأي حذاءا غريبا ؛فشاهد رجلا عجوزا حذاءه مليء بالرقع والثقوب ؛فأشفق عليه ودعاه للدخول إلي بيته وأعد له كوبا من الشاي ؛وأخذ في إصلاح حذائه ؛

وبعد خروجه أخذ يتفرس في أحذية السائرين ؛وفجأة مرت أمرأة عجوز ترتدي ملابس رثة وتحمل طفلا صغيرا فوق ذراعيها ؛فدعاها للدخول لستدفيء هي والطفل فشكرته شكرا جزيلا وقالت له "أني لم أتناول طعاما ما منذ الصباح الباكر وليس عندي لبن للطفل لأرضعه " فأشفق عليها وأعطاها خبزا وقليلا من الشوربة الساخنة ؛ثم أحضر لها معطفا قديما كان عنده وقال لها "خذي هذا مع أنه قديم إلا أنه يدفيء الطفل جيدا ويقيه من شر البرد " فردت عليه المرأة قائلة "ليكافئك الرب  يا أخي ؛ لابد أن السيد المسيح قد أرسلني أليك الان وإلا لجمد الطفل من  شدة البرد ؛

لا شك أن يسوع هو الذي جعلك تنظر من النافذة وتراني أيها السيد الطيب القلب " فشكرها كثيرا وروي لها قصة حلم اليلية السابقة ووعد الرب له أنه سوف يزوره اليوم ؛ وبعدها شاهد أمرأة تبيع تفاحا ؛وفجأة جاء طفلا صغيرا وخطف منها تفاحة وهرب ؛غير أنه لحقته وصممت علي تسليمه للشرطة ؛ فخرج اليها مارتن وطلب منها أن تسامحه لأجل المسيح ؛فلقد أمرنا الله أن نسامح بعضنا بعضا كما سامحنا هو ؛ويجب علينا نحن الكبار أن نعلم الصغار ذلك ؛فهزت المرأة رأسها وقالت هذا حق ؛هذا هو ما يجب علينا أن نفعله ؛ ثم عاد إلي مارتن إلي سريره وأخذ في النوم وهو يفكر في حلم اليلة الماضية ولماذا لم ينفذ يسوع وعده بالزيارة؟! ؛ وفجأة سمع صوتا يناديه "مارتن ؛مارتن ؛

هل تعرفني ؟ " فقال له من أنت ؟ قال "أنا هو " ثم رأي من الركن شبح الرجل العجوز الذي أصلح حذاءه يخرج أليه مبتسما ثم أختفي كالسحاب ؛ وللمرة الثانية سمع نفس الصوت فنظر ورأي المرأة وطفلها خرجا كأنهما شبحا ونظرا اليه يبتسمان ثم تلاشا كالسحاب ؛ وللمرة الثالثة سمع نفس الصوت يقول له "أنا هو" فنظر ورأي المرأة بائعة التفاح ومعها الصبي سارق التفاحة يخرجان كأنهما شبحا يبستمان ثم أختفيا كالسحاب .

أضطربت روح مارتن جدا في داخله ففتح الأنجيل علي الآية التي تقول " كنت جوعان فأطعمتوني ؛ عطشانا فسقيتموني ؛ غريبا فأويتموني ؛ عرينا فكسيتموني " ( مت 25 : 35؛36 ) وفي نهاية الصفحة  قرأ قول الرب "بما أنكم فعلتموه بأحد هؤلاء أخوتي الأصاغر ؛فبي قد فعلتم "( مت 25 :40 )  وهنا تفسرت لمارتن رؤياه ؛ وأدرك أن المسيح قد أوفي بوعده له وزاره وأنه أكرم وفادته .