بقلم الراهب القمص يسطس الأورشليمى
كتاب وباحث في التاريخ المسيحى والتراث المصرى
وعضو إتحاد كتاب مصر
من ألقاب العذراء
مريم سماء ثانية جديدة:
في القطعة الأولى من ثيؤطوكية الأربعاء نقول: "كل الطغمات السمائية ينطقون بطوباويتك لأنك أنتِ هي السماء الثانية الكائنة على الأرض"، هذه السماء الثانية الجديدة هي التي تحدث عنها ملاخي النبي قائلاً: "ولكُمْ أيُّها المُتَّقونَ اسمي تُشرِقُ شَمسُ البِر والشفاءُ في أجنِحَتِها، فتخرُجونَ وتنشأونَ كعُجولِ الصيرَةِ" (ملا4: 2)، فقد أشرق لنا منها شمس البر ربنا يسوع المسيح النور الحقيقي.
وفي القطعة الخامسة من ثيؤطوكية السبت نقول: "صرت سماءً ثانية على الأرض يا والدة الإله لأنه أشرق لنا منكِ شمس البر".
مريم عرش الله:
نقول في القطعة السادسة من ثيؤطوكية الأربعاء: "من تخافه الملائكة حملته العذراء في بطنها. هي أرفع من الشاروبيم وأجَلّ من السارافيم لأنها صارت هيكلاً للواحد من الثالوث، هذه هي أورشليم مدينة إلهنا وفرح جميع القديسين كائن فيها".
فلقد صارت السيدة العذراء أعلى من الشاروبيم وارتفعت أيضًا فوق السارافيم؛ لأنها صارت عرشًا لله محمولاً بهؤلاء الطغمات السمائية العالية، كل هذا يبين عِظم كرامة السيدة العذراء، فصارت أعلى من الطغمات السمائية، لذلك نذكرها في مجمع التسبحة قبل رؤساء الملائكة.
مؤيم مدينة الله:
"إن الأبرار الأولين دعوا مريم بأسماء لذيذة وجميلة، داود دعاها مدينة والمسيح العشب الذي فيها، فقد نبت منها بدون زرع، وصار قوتاً للشعوب"، هذا التشبيه مُقتبس عن المزمور 72: 15 ؛حيث يقول "يُزهر من مدينته مثل عشب الأرض"، وقد ورد الحديث عن مدينة الله في مكانٍ آخر أيضاً وهو المزمور 87: "قد قيل بك أمجاد يا مدينة الله، ولصهيون قيل: رجل جبار وُلد فيها، وهو نفسه أتقنها عن ولادة المسيح" (مز 87: 3 و 8).
تتحدث ثيؤطوكية الأربعاء في قطعتيها الثانية والسادسة عن العذراء وتشبهها بأنها مدينة الله فنقول: "تكلموا بكرامات من أجلك يا مدينة الله لأنك أنت مسكن جميع الفرحين، كل ملوك الأرض يسيرون في نورك والأمم في ضيائك يا مريم أم الله"، "هي أرفع من الشاروبيم وأجل من السارافيم لأنها صارت هيكلاً للواحد من الثالوث. هذه هي أورشليم مدينة إلهنا وفرح جميع القديسين كائن فيها".
وهذا ما ذكره معلمنا داود في (مز87: 7) "لأن سكنى الفرحين جميعهم فيك"، حسب ترجمة الأجبية.
هذه التشبيهات التي اتصفت بها السيدة العذراء على سبيل المثال وليس الحصر. فيوجد العديد منها لم نذكره في ثيؤطوكية الأحد.
مريم العجينة البشرية:
"وجبلت منه امرأة. كل عجينة البشرية أعطتها بالكمال لله الخالق وكلمة الآب"، هذا تعبير عن أن السيدة العذراء بطاعتها قدمت ذاتها للسيد المسيح ليأخذ منها جسدًا بشريًا، فهي ممثلة للبشرية كلها التي قدمت عجينة جسدها التي خلقها الله قديمًا عند خلقة البشرية الممثلة في آدم وحواء، فهي قدمت هذه العجينة له ليأخذ منها نفس الجسد البشري، ليتحد ويتأنس (أي يأخذ جسد إنسان) من السيدة العذراء.
مريم الجبل المقدس:
في ليتورجيات التسابيح الكنسية توجد إشارات كثيرة لوالدة الإله باعتبارها "الجبل" مثل: الجبل المقدس، والجبل الروحي، وجبل بيت الرب، الجبل غير الدنس، الجبل المدخن (أو المظلَّل عليه)، الجبل الدسم، وهذه الألقاب لها مصادر مختلفة في العهد القديم وصدى في العهد الجديد، ولقب "الجبل" يُقصَد به جبل سيناء الذي استلم عليه موسى النبي لوحي العهد والذي ظللت عليه سحابة من دخان النار الإلهية بسبب الحضرة الإلهية: "صارت رعود وبروق وسحاب ثقيل على الجبل، وكان جبل سيناء كله يدخّن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار، وصعد دخانه كدخان الأتون" (خر19: 16-18)، "وحلّ مجد الرب على جبل سيناء وغطاه السحاب ستة أيام" (خر24: 16). فقد كان هذا الجبل هو الذي تميز بأهم استعلان إلهي في العهد القديم، ونظيره في العهد الجديد هو جبل التجلي الذي غطته أيضًا سحابة سماوية.