مارجريت عازر
يعد قانون الإيجارات القديم فى مصر واحدًا من أكثر القوانين المثيرة للجدل، إذ يترتب عليه تأثيرات اقتصادية واجتماعية متعددة. وقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا فى مصر أحكامًا مهمة بشأن هذا القانون، خاصة فيما يتعلق بالاستمرار فى تمديد عقود الإيجار وإلزام المالك بقبول الإيجار بقيمة محدودة على مدار عقود، مما أثر على حقوق الملكية وأثار نقاشات حول التوازن بين حقوق المالكين والمستأجرين.

قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية بعض مواد قانون الإيجارات القديم، حيث رأت المحكمة أن استمرار الإيجار بهذه الشروط لفترات طويلة يخل بمبدأ العدالة الاجتماعية ويعد مساسًا بحقوق الملكية التى يكفلها الدستور. هذه الأحكام تشير إلى ضرورة تحقيق التوازن بين حقوق المالكين والمستأجرين وتعديل القوانين بحيث تكون مرنة ومعبرة عن الواقع الاقتصادى الحالى.

الحكم الأخير للمحكمة الدستورية أثار أهمية إعادة النظر فى القيم الإيجارية، مشيرًا إلى ضرورة تحديث القيمة الإيجارية وفقًا لمعايير اقتصادية عادلة تتماشى مع الزيادات فى تكاليف المعيشة والتضخم. كما أكد الحكم على ضرورة وضع قواعد لتنظيم عقود الإيجار بحيث تحمى مصالح الطرفين ولا تفرض عبئا دائمًا على المالك.

من المتوقع أن يأخذ مجلس النواب بعين الاعتبار حكم المحكمة الدستورية كمرجع أساسى فى صياغة قانون جديد للإيجارات. ويترجم هذا الحكم إلى خطوات عملية فى التشريع تشمل:

١. إعادة تحديد القيمة الإيجارية: يجب أن يعتمد القانون الجديد على آلية عادلة لتحديد القيمة الإيجارية تعكس تغيرات السوق والظروف الاقتصادية. ويمكن أن يشمل ذلك اعتماد قيمة نسبية تتغير مع معدل التضخم لضمان عدم تجميد القيم الإيجارية عند مستوى لا يواكب الواقع الاقتصادى.

٢. تحديد مدة العقد: من المتوقع أن يحدد القانون الجديد مدة للعقود بحيث لا يتم تمديدها تلقائيًا إلا بشروط واضحة ومنصفة. يمكن أن يكون العقد لمدة محددة قابلة للتجديد برضا الطرفين أو بشروط جديدة تلبى احتياجات المستأجر والمالك معًا.

٣. نهاية فترة الإيجار ومدى تجديد العقد: يضع الحكم إشارة إلى أهمية وضع آلية قانونية تحمى المالك عند انتهاء فترة الإيجار. وهذا يمكن أن يتم عبر إلزام المستأجر بتجديد العقد بشروط جديدة أو تسليم العقار وفقًا لشروط محددة، مع تعويض مناسب للمستأجر الذى قد يحتاج إلى فترة انتقالية للبحث عن مسكن جديد.

٤. التدرج فى تحرير الإيجارات: من أجل تجنب أى تأثير اجتماعى سلبى على المستأجرين، قد ينص القانون الجديد على تدرج فى تحرير العقود بحيث يتم رفع القيمة الإيجارية تدريجيًا، مع إعطاء فترة انتقالية تتيح للمستأجرين التكيف مع الأوضاع الجديدة.

٥. آليات دعم المستأجرين المحتاجين: فى إطار الحفاظ على العدالة الاجتماعية، يمكن أن ينص القانون الجديد على برامج دعم حكومية للمستأجرين غير القادرين على تحمل الزيادات الكبيرة فى الإيجار. ويمكن أن يشمل ذلك تقديم دعم مالى للمستأجرين ذوى الدخل المحدود لضمان عدم تضررهم من التحولات الاقتصادية.

إن تبنى مجلس النواب لقانون جديد يتوافق مع حكم المحكمة الدستورية يمكن أن يحقق عدة أهداف، منها:

■ تحقيق العدالة فى العلاقات الإيجارية: يضمن القانون الجديد حماية حقوق الملكية للمالكين وفى الوقت نفسه يمنح المستأجرين فترة انتقالية تتيح لهم التكيف مع التغيرات.

■ تحفيز السوق العقارية: من خلال تحرير الإيجارات بشكل تدريجى، سيتشجع المالكون على الاستثمار فى تجديد العقارات وتحسين خدماتها، مما يساهم فى تنشيط القطاع العقارى ويخلق بيئة تنافسية إيجابية فى السوق.

■ حماية الفئات الضعيفة: يساهم دعم المستأجرين ذوى الدخل المحدود فى توفير الأمان السكنى لهم وضمان عدم تشردهم أو تضررهم من التعديلات الجديدة.

فى النهاية، يعد حكم المحكمة الدستورية بخصوص قانون الإيجارات القديم دافعًا قويًا لإصلاحات تشريعية تؤسس لنظام إيجارى أكثر توازنًا وعدالة، يعزز حقوق الملكية وفى نفس الوقت يحمى حقوق الفئات الأقل دخلًا.



نقلا عن المصرى اليوم