هاني لبيب
من الواضح، اعتماد دونالد ترامب فى ولايته الرئاسية الجديدة على تكوين حكومة تتمتع بالخبرة العملية فى مجالات محددة، حيث فضل اختيار أحد أهم رجال الأعمال البارعين فى تخصصاتهم، مما يعكس اهتمامه وتفضيله للممارسات الاقتصادية الناجحة على الحسابات السياسية بشكلها التقليدى المعتاد.

فى هذا السياق، جاء إيلون ماسك (المؤسس والرئيس التنفيذى لعدة شركات رائدة مثل: تسلا، وسبيس إكس وباى بال).. كأحد أبرز الأسماء التى استعان بها ترامب للاستفادة من خبراته فى حكومته المرتقبة.

اختيار إيلون ماسك لا يعود فقط إلى كونه واحدًا من أهم الداعمين للحملة الانتخابية للرئيس الجديد دونالد ترامب، ولكن أيضًا لكونه رمزًا للإبداع التكنولوجى والتطور الرقمى. يستحوذ على شهرة عالمية بفضل قيادته عددًا من البرامج والمشروعات التى أحدثت تغييرًا جذريًا فى الصناعات المختلفة.. فمن خلال «تسلا» أصبح رائدًا فى مجال السيارات الكهربائية، ومن خلال «سبيس إكس» أصبح له دور أساسى فى إعادة تعريف البرامج المتعلقة بعلوم الفضاء.

يتمتع إيلون ماسك بشعبية واسعة ليس فقط فى مجتمع رجال الأعمال، بل أيضًا بين المواطنين الأمريكيين.. خاصة فى الأوساط الشبابية المرتبطة بعالم التكنولوجية.. وهو ما يشير إلى أن اختيار ترامب له فى الحكومة هو بمثابة تحرك ذكى من شأنه أن يجذب له هذه الفئات التى قد تشعر بأنها كانت مهملة من قبل السياسات التقليدية. هذا الانتشار وهذه الشعبية تمثل قيمة سياسية ومجتمعية كبيرة.. خاصة خلال دعاية فترة الانتخابات.

دائمًا كان يدعو ترامب لفكرة أن (الولايات المتحدة الأمريكية أولًا)، وروج لضرورة عودة أمريكا لتكون القوة الاقتصادية والتكنولوجية الأبرز فى العالم. ولهذا كان من المنطقى بالنسبة له أن يستعين بشخصية صاحبة رؤية مثل إيلون ماسك.. والذى يتمتع بعقلية ريادية لا تقتصر على المدى القصير بل تتطلع إلى المستقبل، مثلما أثبت فى مشاريعه الضخمة. خلال فترة رئاسته الأولى، سعى ترامب لتعزيز «الاستقلالية الاقتصادية» للولايات المتحدة الأمريكية، وتراجع الاعتماد على الدول الأخرى؛ خاصة فى مجالات الطاقة والصناعة.. وهو التوجه الذى يتمسك به ماسك، واستطاع أن يحقق تلك الريادة سواء عبر ابتكار السيارات الكهربائية التى تقلل من الاعتماد على الوقود الأحفورى أو عبر تطوير تقنيات جديدة فى مجال الطاقة المتجددة مثل بطاريات «تسلا».

لذا من الطبيعى أن يسعى ترامب لتوظيف ماسك ضمن فريقه الحكومى الرسمى لدعم التحول السريع نحو الطاقة النظيفة والمستدامة؛ مما يساعد فى تحقيق الاستقلالية الاقتصادية فى مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية العالمية.

من المتوقع أن يكون لـ«إيلون ماسك» تأثير كبير فى مجالات متعددة وقضايا استراتيجية محورية.. على سبيل المثال:

أولًا: من المنتظر أن يلعب ماسك دورًا محوريًا فى تطوير استراتيجية الفضاء الأمريكية وتعزيز قدرة الولايات المتحدة على المنافسة فى هذا المجال عالميًا؛ فمن خلال «سبيس إكس» أصبح ماسك قادرًا على تقليص تكاليف السفر الفضائى وإطلاق صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام، مما يفتح الباب أمام الاستثمارات الفضائية الجديدة التى تمكن الولايات المتحدة من الحفاظ على ريادتها فى هذا المجال.

ثانيًا: مواجهة إيلون ماسك لأحد التحديات الكبرى، وهو التحول نحو الطاقة المتجددة من خلال «تسلا» و«سولار سيتى»، وهو ما أثبت فيهما قدرته على الابتكار فى هذا المجال؛ ما يعنى أنه سيدعم الانتقال السريع إلى مصادر الطاقة المتجددة على مستوى الولايات الأمريكية، وزيادة استخدام السيارات الكهربائية وتطوير تقنيات التخزين الكهربائى للبطاريات الحديثة.

ثالثًا: من المنتظر أن يعزز ماسك سياسات تهدف إلى تقليل الاعتماد على الواردات الأجنبية، وتحفيز الصناعات والابتكار المحلى فى النقل والطاقة من خلال اهتمامه بمشروعات، مثل: «هايبرلوب» و«بروجكت نوفا» لتطوير تقنيات جديدة للنقل والطاقة.

نقطة ومن أول السطر..
أعتقد أن اختيار الرئيس دونالد ترامب لصديقه إيلون ماسك يعود إلى سُمعة ماسك العالمية كرمز للابتكار وريادة الأعمال، بالإضافة إلى تطابق واتساق رؤيتهما المستقبلية مع أهداف تعزيز الاستقلالية الاقتصادية والريادة التكنولوجية زيادة القدرة التنافسية للولايات المتحدة الأمريكية عالميًا التى سعى ترامب لتحقيقها خلال رئاسته السابقة، مثلما سيسعى إليها فى ولايته الجديدة.

«إيلون ماسك» هو سر نجاح ترامب فى ولايته الجديدة.
نقلا عن المصرى اليوم