الأب رفيق جريش
شكلت القمة العربية الإسلامية التى عقدت بالرياض أهمية كبيرة من حيث التوقيت ومن حيث الدلالات ومن حيث التوصيات حيث أكدت القمة على وحدة الموقف العربى والإسلامى فى دعم الشعب الفلسطينى ودعم حقوقه المشروعة، وعلى ضرورة وقف العدوان الإسرائيلى على غزة ولبنان وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية.

وفى هذا الإطار أرسلت القمة رسالة هامة للجانب الإسرائيلى برفض مخططات تصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير القسرى أو إعادة احتلال القطاع وفصله عن بقية الأراضى الفلسطينية، وبالتالى كانت الرسالة العربية الإسلامية واضحة وحاسمة بالعمل على إقامة السلام العادل والدائم لحل هذا الصراع من جذوره وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية فى إطار حل الدولتين، باعتبار أن ذلك هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة وتحقيق مصالح جميع شعوب المنطقة.

فرغم كل التداعيات الإنسانية الفادحة للحرب التى تشنها إسرائيل فى قطاع غزة، ورغم كل الجهود التى بذلت من أجل الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ما زالت إسرائيل مصرة على المضى قدما فى عملياتها العسكرية داخل القطاع. وقد أسفر هذا العدوان حتى الآن عن استشهاد أكثر من ٤٣ ألف فلسطينى وإصابة ما يزيد على ١٠٢ ألف آخرين، وفقًا لآخر التقديرات.

إن ذلك فى مجمله يطرح دلالات عديدة يتمثل أبرزها فى أن إسرائيل تسعى إلى كسب مزيد من الوقت من أجل تنفيذ الأجندة التى يتبناها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو والائتلاف اليمينى الذى يقود الحكومة الحالية.

هذه الأجندة هى التى تدفع تل أبيب حتى الآن إلى تنفيذ مزيد من العمليات العسكرية داخل قطاع غزة، على غرار تنفيذ عملية برية داخل مخيم جباليا، للمرة الثالثة خلال شهور قليلة وهو المخيم الذى يضم أكثر من ١٦٥ ألف فلسطينى يقيمون على مساحة تصل إلى ١.٥ كيلو متر فقط كما أنها هى الدافع وراء استمرار العمليات العسكرية فى لبنان والتى تهدد بدورها بنشوب أزمة إنسانية لا تبدو هينة فضلا عن أنها تحفز إسرائيل على محاولة توسيع نطاق الحرب الحالية لتشمل دولا أخرى فى المنطقة مثل إيران، التى ما زالت تهدد بتوجيه ضربة عسكرية جديدة ضد إسرائيل ردًا على الهجمات التى شنتها الأخيرة داخل إيران فى ٢٦ أكتوبر الماضى.

فإن ذلك ربما يؤدى إلى الدخول فى دائرة من الرد العسكرى والرد المضاد، وربما التحول إلى حرب إقليمية واسعة النطاق من شأنها أن تفاقم من حالة عدم الاستقرار التى بدأت تفرض بدورها تداعيات سلبية على أمن المنطقة بشكل عام، فإن الحل يكمن فى وقف آلة الحرب الإسرائيلية التى ما زالت ترتكب انتهاكات فادحة فى قطاع غزة وتهدد بتكرار المأساة فى لبنان.

وتمثل المقاربة المصرية نقطة الانطلاق فى هذا الصدد، عبر العمل على الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ومواصلة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، كخطوة سوف تسهم فى تهيئة المجال أمام البحث فى سبل إنهاء هذا الصراع عبر العمل على قامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

كما أرسلت القمة برسائل مهمة للمجتمع الدولى خاصة الأطراف الفاعلة والمؤثرة وعلى رأسها الولايات المتحدة وهى تستعد لاستقبال رئيس قديم / جديد يحل هذه الأزمة فى أسرع وقت... لنرى!
نقلا عن المصرى اليوم