هاني صبري - الخبير القانوني والمحامي بالنقض
بثت طبيبة النساء والتوليد فيديو  على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك». عن مرضاها،  وهو ما جعل الكثيرين يتهمها بإفشاء أسرار مرضاها. حيث روت الطبيبة وقائع حمل غير شرعي لسيدات وفتيات.

وهذا التصرف غير المهني أحدث حالة واسعة من الجدل والضيق الشديدين لدي الكثير  من المواطنين.

إن الطبيب دوره هو علاج المرضى، وأي شيء آخر ليس من اختصاصه، فالطبيب ليس له شأن بسلوكيات المريض على الإطلاق.

أن الأطباء أدوا القسم بالحفاظ على أسرار المرضى، وليس للخوض في أعراضهم وإفشاء أسرارهم، ما يتنافي مع أخلاقيات المهنة.

تسببت الثورة المعلوماتية في ظهور نوعية جديدة من الجرائم المستحدثة والتي تعرف بالجرائم الإلكترونية أو المعلوماتية والتي تتم عبر وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وعبر شبكة الانترنت، منها الاستخدامات الخاطئة للتكنولوجيا جعلت البعض من أصحاب النفوذ الضعيفة سواء كان ذلك لحب الشهرة أو جذب الانتباه لهم أو للكسب المالي السريع أو لأي سبب أخري يتعدوا على المبادئ أو القيم الأسرية.

أن الاعتداء علي مبادئ القيم الأسرية وحرمة الحياة الخاصة وإزعاج الاخرين يشكل جريمة جنائية. ويجب أن تترسخ في الثقافة الجمعية للمواطنين حماية الحرية الشخصية واحترام خصوصية الآخرين ، وأن يتحمل الجميع مسؤولياته في نشر الوعي والتنشئة الاجتماعية الصحيحة ، والمحافظة علي قيم مبادئ هذا المجتمع الأصيل.

ان الأصل العام يعد مثل هذه الأفعال جرائم  يعاقب عليها القانون، وذلك لأن الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة يعد تعدياً صارخا على نص دستورى يصون ويحمى الحياة الخاصة لكل إنسان.

حيث تنص المادة 57 من دستور 2014 على أن: "للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة وفقا لأحكام القانون، كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين فى استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها".  

يجب توعية المواطن من جرائم السوشيال ميديا التي يقع فيها دون علم، ولكن جهله بالقانون هذا ليس عذرا مقبولا من الناحية القانونية، وأن المحاكم أصبحت تكتظ بالقضايا الالكترونية.

هناك عوامل اجتماعية مختلفة ودوافع عديدة وراء مثل هذه الجرائم منها.
(1) تراجع منظومة القيم الاجتماعية الراسخة في المجتمع.

(2) تقلص الرقابة الأسرية إنّ تفاقم مشكلات غياب الرقابة الأسرية، ونقص الوعي والتوجيه، وعدم القدرة على الإشباع العاطفي للأبناء وحتى البالغين، والتربية بالمنع أو العقاب بدلاً من التوعية والإشباع النفسي، وانتشار ثقافة الاستعراض من خلال نشر الصور والمعلومات الشخصية بحثاً عن الاهتمام والانتباه من قبل الآخرين، والفراغ النفسي والعاطفي .

3- التنشئة غير الصحيحة ونقص الوعي. والكبت الاجتماعي، والأسري " وغياب السلطة الأبوية"، حيث ينشأ الابن أو البنت في بيئة خالية من التواصل والود، والبيئة الصحية للنمو.

(4) الانفتاح الاجتماعي (الصدمة الثقافية). لقد أسهم الانفتاح الهائل والمفاجئ على خصوصيات الأشخاص الآخرين، من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، والأجهزة الإلكترونية وسهولة الوصول إلى الآخرين إلي حدوث ما يعرف بالصدمة الثقافية لدى مستخدمي هذه الشبكات، وعدم القدرة على إدارة العلاقات مع الآخرين نتيجة نموه في بيئة خالية من حوافز النمو الصحي.

جدير بالذكر إذا ما اعتدى أي إنسان على الحرية الشخصية للمواطنين أو أساء إليهم أو أزعجهم عمدا، أو اعتدى على القيم والمبادئ الأسرية، فهذا الأفعال مجرمة قانوناً .

حيث وضع القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات عقوبات للجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى غير المشروع على شبكة الإنترنت، ففي هذه النوعية من الجرائم يستخدم فيها المتهمون شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى، لبث سمومهم في المجتمع والتعدي على قيمه ومبادئه .

حيث وضع قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات أو ما يعرف بـ "جرائم الإنترنت" عقوبة الحبس أو الغرامة لهذه الأفعال.

وتنص المادة 25 من القانون على: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري أو انتهك حرمة الحياه الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته، أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارا أو صورا وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة.

كما تنص المادة 26 من القانون على يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه.

لان مهنة الطب مهنة إنسانية سامية وضع قانون العقوبات عقوبة إفشاء اسرار االمرضي فنصت المادة 310  منه على " كل من كان من الأطباء أو الجراحين أو الصيادلة أو القوابل أو غيرهم، مودعاً إليه بمقتضى صناعته أو وظيفته سر خصوصى ائتمن عليه فأفشاه فى غير الأحوال التى يلزمه القانون فيها بتبليغ ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 شهور، أو بغرامة لا تتجاوز 500 جنيه مصرى.

ولا تسرى أحكام هذه المادة إلا فى الأحوال التى لم يرخص فيها قانون بإفشاء أمور معينة، كالمقرر فى المواد 202 و203 و204 و205 من قانون المرافعات فى المواد المدنية والتجارية.

ويعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو فى غير علانية تسجيلاً أو مستنداً متحصلاً عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة، أو كان بغير رضاء صاحب الشأن.

ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور التى تم التحصل عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه.

ويعاقب بالسجن الموظف العام الذى يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته. ويحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم فى الجريمة أو تحصل عنها، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة أو إعدامها.