د. أمير فهمي زخارى
قال يسوع (8فَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ أَوْ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ أَوْ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي النَّارِ الأَبَدِيَّةِ وَلَكَ يَدَانِ أَوْ رِجْلاَنِ. 9
وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي جَهَنَّمَ النَّارِ وَلَكَ عَيْنَانِ.) متى 18: 8-9
كتبت هذا المقال ردا على استفسار من صديق لي وهو:
ما هو التفسير الادق والصحيح والامثل لقول المسيح ان اعثرتك عينك فأقلعها فخير لك ان تدخل ملكوت السماوات اعور وان اعثرتك يدك اقطعها وان عثرتك رجلك اقطعها فخير لك ان تدخل الملكوت (أعرج) وهنا الكلام ليس كنايه عن قطع الخطية لأنه ذكر كلمه أعور وهذا يتطلب فعل اقلاع العين وكذلك فى اقطعها
وهذا يتطلب القيام بعمل شيء قوى حتى يقول (اعور او أعرج) أرجو التوضيح وشكرا لحضرتك
من المؤمنين بقدسية هذا الكتاب أناس أخذوا هذا الكلام حرفيًا، فمنهم من أقلع عينه مثل سمعان الخراز وغيره. فهل لم يجد يسوع تعبيرًا أفضل من هذا، لا يمكن أن يُفهم إلا بطريقة واحدة غير هذا، يأمن به على رعيته من الغباء العلمي فى الفهم؟
الرد
الكتاب المقدس قال لفظا ان المسيح كان يتكلم بأمثال:
انجيل متي 13: 34 هذا كله كلم به يسوع الجموع بأمثال وبدون مثل لم يكن يكلمهم
13: 35 لكي يتم ما قيل بالنبي القائل سأفتح بأمثال فمي وانطق بمكتومات منذ تأسيس العالم
انجيل مرقس 4: 2 فكان يعلمهم كثيرا بأمثال وقال لهم في تعليمه
4: 33 وبأمثال كثيرة مثل هذه كان يكلمهم حسبما كانوا يستطيعون ان يسمعوا
ان الامر يفهم من كل الاعداد وليس باقتطاع آية فسياق الكلام يؤكد انه يتكلم رمزيا:
انجيل متى 18 :1 في تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو أعظم في ملكوت السماوات
مت 18 :2 فدعا يسوع اليه ولدا واقامه في وسطهم
مت 18 :3 وقال الحق اقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات
كلام المسيح واضح تماما لأي انسان محايد انه يتكلم رمزيا بأمثال لأنه بالطبع لا يأمرنا ان نتحول ونحن رجال وفي منتصف العمر الى ان نعود لمرحلة الطفولة مرة ثانية جسديا وعقليا وغيره. ولكن الكلام بمثال عن براءة وطهارة الطفولة.
فسياق الكلام هو بأمثلة رمزية
مت 18 :4 فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الاعظم في ملكوت السماوات
مت 18 :5 ومن قبل ولدا واحدا مثل هذا باسمي فقد قبلني
مت 18 :6 ومن اعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له ان يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر
مت 18 :7 ويل للعالم من العثرات فلا بد ان تأتي العثرات ولكن ويل لذلك الانسان الذي به تأتي العثرة
فالكلام حتى الآن هو رمزيا بأمثال عن العثرات بأنواعها وخطورتها
مت 18 :8 فان اعثرتك يدك او رجلك فاقطعها وألقها عنك خير لك ان تدخل الحياة أعرج او اقطع من ان تلقى في النار الابدية ولك يدان او رجلان
يدي لا تعثرني بمعنى حرفي لأني يدي لا تصنع شيء مخالف عن ارادتي بل هي تعمل مشيئتي لان انا ويدي واحد. فالمعنى واضح انه يتكلم رمزيا وقطعا المسيح لا يقبل أن نقطع أيادينا وأرجلنا. ولكن هو يتكلم عن منع الخطية. فكيف امنع يدي من صنع الخطية؟ هو ان لا امدها بإرادتي لصنع الشر. وأيضا كيف امنع رجلي من صنع الخطية؟ هو لا بد ان امنعها من السير في طريق الشر
مت 18 :9 وان اعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك خير لك ان تدخل الحياة اعور من ان تلقى في جهنم النار ولك عينان
وأيضا عيني لا تعثرني لوحدها فالعين ليس لها مشيئة مستقلة بل تنظر حسب مشيئتي فالمعنى أيضا واضح انه يتكلم رمزيا عن منع الخطية. وكيف امنع عيني عن صنع الخطية والعثرة؟ هو ان امنعها من ان تنظر للشر ولا تنظر بشهوة.
فهناك من يسير في طريقه وعيناه للأرض ويمنع عن عينه كل الصور المعثرة وهذا فيه قطع العين او النظر عن العثرة. وقطعًا في هذا تغصب، ولكن الملكوت يغصب (مت 12:11). ومن تعثره أماكن معينة فعليه ألا يذهب فيكون كمن قطع رجله، وهناك من يعثره صديق معين أو جماعة معينة، فعليه أن يمتنع عنهم ويكون كمن قد مات عنهم. وهكذا. وهذا ما يُسمى الجهاد، أن تغصب نفسك ألا تفعل ما ترغب فيه إن كان فيه خطأ وتحيا كميت أمامه.
وبالطبع نفس المعنى في انجيل مرقس 9 :42 ومن اعثر أحد الصغار المؤمنين بي فخير له لو طوق عنقه بحجر رحى وطرح في البحر
9 :43 وان اعثرتك يدك فاقطعها خير لك ان تدخل الحياة اقطع من ان تكون لك يدان وتمضي الى جهنم الى النار التي لا تطفأ
9 :44 حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ
9 :45 وان اعثرتك رجلك فاقطعها خير لك ان تدخل الحياة أعرج من ان تكون لك رجلان وتطرح في جهنم في النار التي لا تطفأ
أيضا الاعداد كلها يتكلم عن العثرة وخطورتها بأمثلة والسبب ان المسيح يريد ان يشرحه لهم بالأمثلة التي يرونها في حياتهم اليومية ليوضح المفاهيم لان المثل هو شرح لأمر يصعب فهمه وهذا يتضح من كلمة مثل، وهو قد يكون مجرد تشبيه أو قصة من الواقع اليومي لتوضيح حقيقة روحية. فالقصص والأمثال التى من واقع الحياة تؤثر في الناس أكثر من الوعظ.
السيد المسيح يتكلم بأمثال لا ليسيء فهمه بعض الناس فهو يريد أن الجميع يخلصون، ولكن الكلام بأمثال هي طريقة تدعو السامع لأن يفكر ويستنتج وبهذا تثبت المعلومة بالأكثر، فمن يفكر في صعوبة وآلام قطع اليد سيدرك بالمثال خطورة العثرة ويحاول ان يتحاشى ان يفعل عثرة ومن يفكر قرار التبتل هو يعرف انه سيعيش مثل الخصي طول بقية حياته.
مع ملاحظة ان ملكوت السماوات ليس مادي وبه ايدي لحمية واعين لحمية بل المسيح نفسه شرح ووضح:
إنجيل متى 22: 30 لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ.
وأيضا رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 15: 50
فَأَقُولُ هذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ، وَلاَ يَرِثُ الْفَسَادُ عَدَمَ الْفَسَادِ.
واكتفي بهذا القدر...تحياتي.