( 1914- 1963 )

إعداد/ ماجد كامل
من بين الآباء المطارنة الذين  كانت لهم مكانة كبيرة ومتميزة فى الكنيسة نظرا لما قدمه من خدمات ، يأتى نيافة الأنبا بنيامين مطران المنوفية الراحل من بين هؤلاء .

ميلاده ونشأته :
ولد "عزمي راغب ميخائيل " فى 21 فبراير 1914 ، بمدينة أخميم محافظة سوهاج ،  خدم فى صباه بكنيسة السيدة العذراء بسوهاج ، . تلقى تعلميه الأولي فى المدارس الابتدائية المتخصصة بسوهاج ، ثم المدرسة الثانوية حتى نال شهادة البكالوريا عام 1932 .

بعد التخرج عمل فى إحدى الشركات الفرنسية المتخصصة فى صناعة السجائر ، ولم يكن فى بداية حياته شابا ملتزما بمحبة الكنيسة ، بل كان منغمسا بلهو الشباب والسهر .... الخ .

الأسباب التي دعته إلى التوبة والرجوع إلى حضن الكنيسة :
مر عزمي راغب ببعض الظروف العائلية الخاصة التي دفعته إلى التفكير فى تغيير مساره ، منها وفاة زوجة أخيه وبناتها الثلاث بداء التيفود  ، وكان  ذلك خلال عام 1939 ، ثم توفيت والدته وشقيقه الأصغر لنفس السبب ، وفى عام 1941 توفى شقيقه الأكبر عائل الأسرة المشهود له بالفضيلة ، فتأثر الشاب عزمي راغب  كثيرا بتلك الأحداث المتلاحقة ،وخصوصا عندما سمع بأذنيه  تعييرات بعض المشيعين مندهشين لحكمة  الله كيف يأخذ الله روح الأخ الفاضل المحب للكنيسة ، ويترك الشاب العاق المستهتر ، فتأثرت نفس "عزمي "جدا من هذه الأقاويل ، ومن يومها قرر عزمي أن يترك حياة اللهو ، وبدأ فى التقرب إلى الله بالصوم والصلاة وقراءة الكتاب المقدس ، وممارسة وسائط النعمة المختلفة . ثم قرر أن يستقيل من عمله ، واتجه إلى دير السيدة العذراء المحرق ، إلا أنه إزاء إلحاح والده عليه ، عاد إلى المنزل وقضى مدة ثلاثة سنوات .

توجهه للرهبنة فى دير السيدة العذراء "براموس " :
فى صباح يوم  2 يوليو 1945 ، ترك "عزمي راغب " المنزل دون أن يخبر أحدا ، وتوجه إلى دير البراموس ، ثم أرتدى زي الرهبنة يوم 12 أبريل 1946 . وكان رئيس الدير فى ذلك الوفت هو القمص "برنابا البرموسي " ( 1867- 1962 ) .

تاريخ رسامته قسا  ثم وكيلا للدير  :
رسم قسا بتاريخ يوم 26 مارس 1947  ، ثم أختير ليكون أمينا للدير  ( ربييتة ) يوم 24 اغسطس 1947 ، ثم وكيلا للدير عام 1950 .

تاريخ ترقيته قمصا :
تمت ترقيته قمصا يوم 23 يناير 1949 ، بيد قداسة البابا  يوساب الثانى ( 1946- 1956 ) بابا الكنيسة القبطية رقم 115 .

تاريخ رسامته أسقفا على المنوفية :
بعد نياحة نيافة الأنبا ديمتريوس مطران المنوفية ( 1930- 1950 )  ، رشحه  الأنبا مكاريوس رئيس دير البراموس أسقفا على المنوفية  ، وتحمس كهنة المنوفية جدا لهذا الترشيح ، وقاموا بجمع توقيعات لجميع أبناء الأيبارشية . وبالفعل تمت رسامته أسقفا على المنوفية يوم الأحد 26 نوفمبر 1950  .

تاريخ ترقيته إلى رتبة المطران :
تمت ترقيته بعد حوالى 12 شهرا من أسقفيته ، وتحديدا يوم 27 يناير 1952 ،  وذلك فى نفس يوم رسامة الأنبا أنطونيوس مطران سوهاج ( 1952- 1982 ) ، ونيافة الأنبا بطرس أسقف أخميم وساقلته ( 1952- 1978 ) .

أهم الإنجازات التي قام بها فى المطرانية :
1- قام ببناء الكنائس فى إيبارشيته مثل 0 كنيسة أمير الشهداء مارجرجس  بميت عفيف – كنيسة الأنبا مكاريوس بنشنشور – كنيسة القديسة دميانة ) . كما قام بترميم وتجديد بعض الكنائس مثل  ( كنيسة العذراء أم النور بسبك الأحد – كنيسة العذراء ببمم – كنيسة العذراء بجريس أشمون – كنيسة العذراء بشبين الكوم – كنيسة مارجرجس بحصة إكوا – كنيسة مارجرجس بطوخ النصارى ) . كما ساهم فى صلاة تكريس كنيسة مارجرجس بأبو النجا بطنطا مع مطرانان آخران .

2- قام برسامة عدد كبير من الآباء الكهنة خارج نطاق إيبارشيته بناء على تكليف من قداسة البابا كيرلس ، لعل من أشهرهم القمص بيشوي كامل ( 1931- 1979 ) ، والقمص قسطنطين نجيب ( 1932- 2017 ) .كما قام بترقية الدكتور وهيب عطا الله جرجس إلى رتبة " الارشيدياكون " في يوم الأربعاء 16 ديسمبر  1959 ، وتمت الرسامة في كنيسة السيدة العذراء والأنبا رويس بالعباسية .

عضويته فى الهيئات القبطية المختلفة :
3-كان نيافته عضوا فى العديد من الهيئات نذكر منها ( هيئة الأوقاف القبطية – وفد الكنيسة القبطية للحوار مع أثيوبيا – عضو وفد الكنيسة القبطية بخصوص مشكلة دير السلطان – عضوا فى الوفد الرسمي الكنسي لاستقبال كثير من رؤساء الكنائس المختلفة مثل ( زيارة بطريرك القيطنطينية عامي 1959 ، 1936 – زيارة بطريرك موسكو ألكسيس عام 1960 – زيارة بطريرك البلغار عام 1962 – زيارة الأسقف مكاريوس رئيس جمهورية قبرص عام 1961 ) .

4-شارك فى الوفد الذي أرسله البابا كيرلس السادس إلى أثيوبيا للحوار مع الإمبراطور هيلاسيلاسي من أجل تدعيم العلاقة بين الكنيستين ، أما بقية أعضاء الوفد فهم ( الأنبا لوكاس الأول أسقف منفلوط وأبنوب – الأنبا يؤانس أسقف الخرطوم والجنوب – اللواء فريد منقريوس – الدكتور مراد كامل –الأستاذ أميل دوس – الأستاذ أمين فخري عبد النور ) .

عضويته فى المجلس البطريركي بعد عزل البابا يوساب الثاني :-
بعد قرار المجمع المقدس بعزل البابا يوساب الثاني وسفره إلى دير المحرق ، أجتمع المجمع المقدس يوم 27 سبتمبرر 1955 ، وانتخب ثلاثة من المطارنة لإدارة الكنيسة وهم :-
1-الأنبا أغابيوس مطرن ديروط .
2-الأنبا ميخائيل مطران أسيوط .
3-الأنبا بنيامين مطران  المنوفية .

ولقد كان الأنبا بنيامين ضد قرار عزل البابا ، وكان رأيه أنه يمكن أن يكون معه مجلس يساعده بحيث لا يصدر قرارا إلا بوجود هذا  المجلس وعلم قداسة البابا ، لكن عملية عزل البابا مرفوضة  ، ولكن إزاء قرارات المجمع أضطر أن يوافق . ولقد ظهرت حكمة الأنبا بنيامين فى  إدارة شئون الكنيسة  لمدة عاما كاملا وستة عشر يوما ، حتى انتهت أعمال اللجنة بنياحة البابا يوساب الثاني فى 13 نوفمبر 1956 .

نبوته بمجيء البابا شنودة الثالث بطريركا على الكنيسة  من يوم رهبنته :
فى يوم 18 يوليو 1954 ، كان  الأنبا بنيامين يجلس مع مجموعة من المحبين يتحاور معهم ، ثم فجاة التفت إليهم وقال " يا أحبائي بطركنا إترهبن النهاردة ؟ " فظهر التعجب على جموع الحاضرين . ولكنها كانت نبؤة من نيافته إذ انه فى ذلك اليوم ترهبن "نظير جيد رفائيل " فى دير السريان باسم "الراهب أنطونيوس السرياني " ، والذي صار بعد ذلك قداسة البابا شنودة الثالث .

تاريخ نياحته :-
فى مساء يوم الأربعاء الموافق 6 نوفمبر 1963 ، كان موعد زيارة الإمبراطور هيلاسلاسي لقداسة البابا كيرلس  بعد عودته من الإسكندرية ومحادثاته مع الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر " ،وكان الأنبا بنيامين من ضمن  أعضاء الوفد ، ولكن لاحظ الجميع ظهور أعراض البرد الشديد عليه ، واشاروا عليه بعدم النزول ، ولكنه أصر على النزول ومقابلة الإمبراطور  . وبعد انتهاء الزيارة أشتدت الأزمة الصحية بنيافته ، وفى صباح اليوم التالي 7 نوفمبر 1963 ، أحضروا إليه الاطباء ، فتبين أنه مصاب بجلطة فى القلب مع التهاب رئوي حاد ، فتم نقله إلى مستشفى التوفيق ، وأعدت له انبوبة أكسوجين لتساعده على التنفس  . ولقد كان  قداسة البابا كيرلس السادس يتصل به يوميا  . حتى  جاء يوم الأثنين 11 نوفمبر 1963  ، وفى تمام الساعة التاسعة صباحا ، مال برأسه وأسلم الروح . عن عمر يناهز   عاما . ورأس قداسة البابا كيرلس السادس الصلاة على جثمانه الطاهر بحضور أحدى عشر أسقفا .

مراجع المقالة :
1-القمص صمويل تواضروس السرياني : تاريخ البطاركة ، الجزء الثالث ، الطبعة الثالثة ، 2011 ، صفحة 329 .

2-أمير نصر :- قيثارة الكنيسة الأنبا بنيامين مطران المنوفية الأسبق ، نوفمبر  1993 .

3-مينا بديع  عبد الملك : أعمال الآباء المطارنة وأساقفة القرن العشرين ،مطبوعات جمعية مارمينا العجايبى بالإسكندرية ، الطبعة الأولى ، 2004 ، الصفحات من 101- 103 .

4-رضا حنا : آية جميلة فى تاريخ الكنيسة ، الجزء الثامن عشر ، كنيسة العذراء ومارمرقس السول شانتي مالا بري – باريس – فرنسا ، 2004 ، الصفحات من 14- 24 .