هاني لبيب
انتهت الانتخابات الأمريكية بشكل غير متوقع عند البعض الذين تخيلوا أن دونالد ترامب لا يمكن أن يعود إلى البيت الأبيض مرة أخرى. فوز دونالد ترامب يحمل العديد من الدلالات التى تحتاج إلى التوقف أمامها، على غرار: أن المجتمع الأمريكى لا يزال يتمسك ببعض المبادئ رغم الانفتاح غير المحدود هناك، ولا تزال العديد من الأسر ترفض الإجهاض والتحول الجنسى وحرية المثلية الجنسية، لذا نجح ترامب فى تلخيص هذا الموقف عندما وجه حديثه للناخبين قائلاً: (هى معهم.. أنا معكم).. فى إشارة لموقفه فى مقابل موقف هاريس، فضلًا عن موقفه من قضية المهاجرين التى أصبحت تمثل عبئًا حقيقيًا على المجتمع الغربى كله (الأمريكى والأوروبى)، وأصبحت واحدًا من أهم التحديات الداخلية.. ومع ملاحظة أساسية، وهى أنه من الواضح أن التركيبة الديموجرافية للمجتمع الأمريكى التى تتضمن العديد من المهاجرين من بلاد وثقافات وحضارات مختلفة لا تثق فى منح صوتها لسيدة تحكم الولايات المتحدة الأمريكية.
فوز دونالد ترامب ليس مجرد الحصول على أصوات الناخبين فقط، ولكنه مؤشر واضح لفقد المجتمع السياسى الأمريكى الثقة فى سياسات الحزب الديمقراطى التى كانت واحدًا من أهم أسباب تشويه صورة الولايات المتحدة عالميًا، بالإضافة إلى أخطائه فى السياسات الداخلية التى أسهم فيها الرئيس بايدن من خلال الكثير من تصريحاته وردود أفعاله غير المفهومة أو المبررة.
ولا يتعارض ذلك بكل تأكيد مع أن هناك إطارا عاما للحفاظ على قوة أمريكا وأمنها القومى.. بمثابة ميثاق ملزم سواء للحزب الديمقراطى أو الحزب الجمهورى.
المتوقع أن تكون رئاسة ترامب خلال الأربع سنوات القادمة مختلفة إلى حدٍّ ما عن الفترة الأولى، سواء من حيث خبرة الإدارة الرئاسية فى التعامل مع القضايا الداخلية، أو فى خبرة إدارة العلاقات الدولية فى ملفات الأزمة فى أوكرانيا والشرق الأوسط وإيران والصين وروسيا.
نعلم جميعًا أن دونالد ترامب فى ولايته الأولى هو الذى دعم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو صاحب التوجه الرئيسى فى اعادة صياغة العلاقات فى الشرق الأوسط من خلال ما يعرف باسم «الأديان الإبراهيمية» أو «الاتفاقيات الإبراهيمية» كبديل عن التطبيع بشكله التقليدى.. فى استهداف واضح لأن يكون الشكل السابق هو الإطار العام لإدارة التفاوض نحو السلام ووقف الصراع والحروب فى الشرق الأوسط.
المتوقع أن يحافظ ترامب خلال ولايته الجديدة على العلاقات الجيدة مع دول المنطقة، وفى مقدمتها مصر، فى سبيل الوصول لحلول حاسمة للصراع الفلسطينى – الإسرائيلى، وهو ما يتطلب اعادة صياغة لشكل العلاقة مع إيران؛ خاصة بعد أن تركت الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل مهمة مواجهة الإسلام السياسى فى المنطقة بأشكاله المختلفة سواء حركة حماس (فلسطين) أو حزب الله (لبنان) أو غيرهما فى سوريا والعراق. وهو مشهد جديد لم يتكرر من قبل أن تقوم إسرائيل بالدخول فى عدة جبهات قتالية فى وقت واحد.. فى إشارة واضحة للموافقة الغربية على ما تقوم به.
نقطة ومن أول السطر..
ولاية دونالد ترامب الجديدة هى فرصة لإعادة صياغة منظومة المفاوضات فى منطقة الشرق الأوسط، ودعم السلام، وإنهاء الصراعات والانقسامات الداخلية المفتعلة والموجهة فى بعض دول المنطقة.. وربما تكون بداية جديدة فى العلاقات الدولية التى يتم فيها احترام إرادة الشعوب، والارتكاز إلى الشراكة والتعاون من خلال الملفات الاقتصادية المتعددة.
نقلا عن المصري اليوم