في قلب قرية سلام بمحافظة أسيوط، وعلى ضفاف نهر النيل، يقع منزل متواضع يحمل قصة فريدة في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية؛ هذا المنزل الطيني البسيط شهد ميلاد نظير جيد روفائيل في الثالث من أغسطس عام 1923، والذي أصبح فيما بعد قداسة البابا شنودة الثالث، البابا 117 للكنيسة.

في يوم 13 أغسطس 1923، كانت أسرة جيد روفائيل تنتظر مولودها الجديد في منزل ريفي بسيط بقرية سلام، كانت الفرحة تغمر الأسرة بقدوم الابن الجديد، الذي أطلقوا عليه اسم "نظير".

وفي هذا المنزل المتواضع، وسط بساطة الحياة الريفية، نشأ نظير وتشكلت شخصيته، كانت جدران هذا المنزل شاهدة على طفولته البريئة، وعلى تكوّن شخصيته القوية المتواضعة، والتي ستؤهله لاحقًا لقيادة شعب بأكمله.

الوصول إلى منزل البابا شنودة الثالث اليوم هو كرحلة إلى الماضي يتطلب عبور أزقة وحواري القرية الضيقة وصولًا إلى شارع يقع على ناصيته مسجد؛ إذ يقع المنزل في قلب القرية ويتميز ببساطته وهدوئه ويطل على نهر النيل، فجدرانه الطينية تحمل آثار الزمن، وشقوقها الصغيرة تحكي قصة حياة عتيقة وباب خشبي قديم معلق عليه قفل، وفي الطابق الثاني توجد الحجرة التي شهدت ولادة البابا، والتي لا تزال تحتفظ ببعض الأثاث القديم، وبحسب الجيران، فإن المنزل لم يدخله أحد منذ عشرات السنين ويعاني من الإهمال.

ويروي أهالي القرية قصصًا وحكايات عن طفولة البابا شنودة، يتذكرون كيف كان شغوفًا بالقراءة والكتابة، يتحدثون عن والدته التي توفيت بعد ولادته، وكيف قامت نساء القرية برعايته.

"إيهاب كامل نان"، أحد أهالي القرية، يروي أن قرية سلام هي مسقط رأس البابا شنودة الثالث، الذي خلد التاريخ مواقفه الوطنية في المحبة والسلام بين جميع أطياف المجتمع المصري.

وأشار إلى أن والده حكى له قصة ولادة البابا شنودة، حيث توفيت والدته بعد ثلاثة أيام من ولادته بسبب حمى النفاس.

وأضاف كامل، أن البابا شنودة رضع من ثلاث سيدات بقرية سلام، من بينهن سيدة مسلمة، وبعدها انتقل مع أخيه الأكبر وترك القرية، حيث تولوا رعايته منذ صغره وكان والده دائمًا ما يحكي لهم عن شغف البابا شنودة بالقراءة والكتابة، وبدأ في كتابة الشعر وهو في سن السادسة عشرة.

وأشار كامل نان إلى أن البابا شنودة قام بشراء منزله بالكامل بقرية سلام من أقاربه الورثة، وأصبح المنزل ملكًا له رغم عدم زيارته للقرية.