الأقباط متحدون - الإسلاميون بمساندة أمريكية والليبراليون بمعونة إلهية
أخر تحديث ٠٤:٠٨ | الخميس ٢٧ ديسمبر ٢٠١٢ | ١٨ كيهك ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٨٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الإسلاميون بمساندة أمريكية والليبراليون بمعونة إلهية

بقلم: د. رأفت فهيم جندي
بدأ التخطيط للدولة الإسلامية في مصر يظهر للأعين منذ شهر مايو عام 2009، ومنذ أن ألقى "أوباما" كلمته مخاطبًا العالم الإسلامي من جامعة القاهرة، ولقد تشكك بعض الليبراليين وقتها في اختيار القاهرة لمخاطبة الدول الإسلامية، ولكنهم في نفس الوقت سُّروا؛ لأن مصر أصبحت محط نظر العالم، وتعددت بعدها لقاءات الإخوان مع الإدارة الأمريكية، ووقت الثورة المصرية كانت الاتصالات الأمريكية الإخوانية على أشدها، وقبضت مباحث أمن الدولة على "مرسي" وغيره من الإخوان، وأودعتهم السجون بتهمة التخابر.

بعد سقوط "مبارك" بأوامر أمريكية، طلب معظم الليبراليين كتابة الدستور أولاً قبل الانتخابات، ولكن توجيهات الأمريكان للعسكر بإرجاء كتابة الدستور، والاكتفاء بإعلان بيان دستوري مؤقت، مبدين عدم اعتراضهم على كتابة دستور إسلامي حال وصول الإسلاميين للحكم.

تدخل الأمريكان مع العسكر لوضع "مرسي" على الكرسي، وساندوا "مرسي" بعدها لإقصاء العسكري والاستيلاء على السلطة التشريعية أيضًا، وعندما حاول "مرسي" إعادة مجلس الشعب المنحل بالرغم من حكم المحكمة الدستورية ببطلانه، لم تستنكر الإدارة الأمريكية التعدي على حكم قضائي من أعلى محكمة في البلاد، ووافقت على عودة المجلس المنحل، ولكن “مرسي” وقتها لم يصمد أمام القضاء المصري، ورفض الأقباط مقابلة "هيلاري كلينتون" عند حضورها لمصر، وقذفها بعض الليبراليين بالطماطم، وفي مؤتمر للأقباط في مبنى الكونجرس بواشنطون في نهاية يونيو 2012 ، كان بين الحاضرين مساعد "هيلاري كلينتون" فأمطره الأقباط بغضبهم، وتعهد لهم المساعد بنقل احتجاجاتهم إليها.

وعندما عنَّف "أوباما" الإسلاميين في الأمم المتحدة في شهر سبتمبر 2012 ـ وقبل شهرين من الانتخابات الأمريكية ـ معلنا أنه ينتظر التعاون مع متظاهري التحرير وليس مع مضطهدي الأقباط والمرأة، كان "أوباما" يقوم بعمل مسرحي، أمام الناخب الأمريكى من جهة، وكان تهديدًا للإسلاميين من جهة أخرى بالتعقل، خاصة بعد أن كثر تهجير الأقباط من بعض المدن، ولكنه لم يكن بأي حال تهديدًا حقيقيًّا لما انتوته الإدارة الأمريكية من تحكيم الإسلاميين في المنطقة.

تم طبخ دستور إسلامي بواسطة لجنة، انسحب منها كل التيارات الليبرالية، وألغى “مرسي” استقلال القضاء في شخص النائب العام، وأهينت المحكمة الدستورية التي كانت غالبًا ما ستقضي ببطلان لجنة وضع الدستور،  ودخلت مصر في صراعات سياسية عنيفة، واكتفت الإدارة الأمريكية التي تتدخل في لون السراويل الداخلية للإدارة المصرية بالقول بأن هذه أمور مصرية داخلية لا شأن لهم بها!

لقد فعل ومازال التيار الليبرالي والإعلام الحر كل ما يستطيعه لإيقاف هذه المسخرة الدستورية بالرغم من تعرضهم لجميع وسائل الإرهاب، وقتل بعض المتظاهرين أمام قصر الاتحادية، وتم تمرير دستور غاش باستفتاء مزور، ووصل الاقتصاد المصري للحضيض، واستقال مدير البنك المركزي؛ لأن البلد مقبلة على مجاعة كبيرة ربما لم تعرفها مصر من لأيام الدولة الإخشيدية، ولكن “مرسي” مشغول بإنهاء استقلالية القضاء لتحكيم الإسلاميين على كل السلطات، وتمكين حماس من سيناء لخدمة المصالح الأمريكية الإسرائيلية؛ ظنا منه أنهما أيضًا سيمكنانه من إقامة دولة الخلافة!

المعركة مستمرة بين الإسلاميين بمساندة أمريكية من جهة، والليبراليين بمعونة إلهية من جهةٍ أخرى، ويعود الرب ليطمئنا ـ مسيحيين ومسلمين ـ على لسان سليمان الحكيم  قائلا "إِنْ رَأَيْتَ ظُلْمَ الْفَقِيرِ وَنَزْعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فِي الْبِلاَدِ فَلاَ تَرْتَعْ مِنَ الأَمْرِ لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِي عَالِياً يُلاَحِظُ وَالأَعْلَى فَوْقَهُمَا."  جامعة 5 : 8.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter