الخميس ٢٧ ديسمبر ٢٠١٢ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
بقلم: إسماعيل حسني
حذرنا كثيرا من مغبة اتخاذ الدين مرجعية للدولة لما لهذه المرجعية من أخطار مؤكدة على المجتمع وعلى الأمن القومي، واليوم وبعد إقرار دستور الإخوان الذي يعلن قيام دولة دينية في مصر نعيد التذكير ببعض هذه الأخطار حتى نواصل العمل من أجل إسقاط هذا الدستور.
أولاً: المرجعية الدينية تعنى أن الله وليس الشعب هو مصدر السلطات، وهذا سيؤدي إلى خلل هيكلي فى بنيان الدولة وآليات اتخاذ القرارات وصراع مستمر بين مؤسسات الدولة ومفسري النصوص الدينية.
ثانياً: الدول ذات المرجعية الدينية أثبتت في كل مكان أنها أسرع طريق إلى الفشل والمجاعات والحروب الأهلية. (وهو ما نخشى الآن من وقوعه في مصر).
ثالثا: ترتب على عدم وجود كهنوت يحدد صحيح الدين فى الإسلام أن أصبح لدينا أكثر من إسلام وأكثر من مرجعية يصل الأمر بينها إلى حد التناقض والتكفير المتبادل فى جميع المسائل، مما يستحيل معه بلورة رؤى استراتيجية للدولة.
رابعاً: إن جعل الدين مرجعية للمجتمع يفتح بابا لا يقتصر الدخول منه على العلماء الأخيار فقط، بل سيدخل منه أيضا كل من يرتدى عباءة الدين من فقهاء السلاطين والدجالون ومفسرو الأحلام والمعالجون بالقرآن وأصحاب الكرامات، وتغرق البلاد فى بحر الخرافة.
خامساً: المرجعية الدينية تسبغ نوعا من القداسة على الأحكام والقوانين، فيكون انتقادها أو تطويرها شاقا وعسيرا، لأنه سيتطلب نصاً يتفوق فى ثبوته وقطعية دلالته على النص الأول، وهنا يكون الجمود والركود والموت البطيء.
سادساً: إن معارضة المرجعية الدينية تؤدى لاتهام المعارضين فى دينهم مما سيؤدى لإحجام الكثيرين عن المعارضة، فيسود الاستبداد.
سابعاً: إن كل مسألة فى الدين فيها عدة أقوال تصل إلى سبعة عشر قول، وكل شيخ جماعة أو مذهب سيريد أن يرى رأيه محل اعتبار وإلا اضمحل المذهب، وانفض الناس عن مشايخه، لهذا سنرى التناحر المذهبي يتصاعد ويتحول إلى "حرب المشايخ" تنذر بأوخم العواقب.
ثامناً: المرجعية الدينية تستند إلى لغة قديمة فضفاضة، تختلف عن اللغة المدنية الحديثة ذات الاصطلاحات المحددة، وهذا سيوقعنا دائما فى محظور تعدد التفاسير والترجمات للفظ أو النص، مما سيعطل الأداء الحكومي، ويبطئ الفصل فى المنازعات.
تاسعاً: هناك مدرستان فى الفقه، الأولى أيديولوجية سلفية تقدم النص على المصلحة، والثانية عقلانية حداثية تقدم المصلحة على النص، مما سيجعل البلاد فى حالة دائمة من الغليان والتشكيك فى ما يصدر من قوانين، فلا ينعم الوطن بالاستقرار التشريعي أو القضائي.
عاشراً: الشروع في تطبيق قوانين الحسبة سيؤدى إلى العصف بالحريات وانعدام السلام الاجتماعي الضروري للإستقرار والتنمية.
الدولة المدنية هي الحل.