البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في المجمع العام للرهبنة السكالابرينية مرسلي القيس كارلو بوروميو
محرر الأقباط متحدون
الرجاء وارتباطه بثلاثة جوانب في نشاط الرهبنة: المهاجرين، الخدمة الرعوية والمحبة. هذا ما تمحورت حوله كلمة البابا فرنسيس خلال استقباله اليوم الاثنين المشاركين في المجمع العام للرهبنة السكالابرينية مرسلي القديس كارلو بوروميو.
 
استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين ٢٨ أكتوبر المشاركين في المجمع العام السادس عشر لمرسلي القديس كارلو بوروميو، الرهبنة السكالابرينية. وفي بداية كلمته وجه الأب الأقدس التحية إلى الرئيس العام للرهبنة وأعرب للجميع عن سعادته للقائهم لمناسبة مجمعهم العام والذي يُعقد عشية الاحتفال بالسنة اليوبيلية حسبما ذكَّر البابا فرنسيس. ثم أشار إلى أن الرهبان قد انطلقوا في التأمل حول العمل الإرسالي المستقبلي وأعمال المحبة لصالح المهاجرين من الموضوع الذي اختير محور يوبيل سنة ٢٠٢٥ أي حجاج الرجاء.
 
وتابع الأب الأقدس قائلا لضيوفه إن بالإمكان من هذا المنطلق التأمل معا حول هذه الفضيلة في إشارة إلى ثلاثة جوانب من عمل الرهبنة، أي المهاجرين والخدمة الرعوية والمحبة. وتحدث البابا أولا عن المهاجرين واصفا إياهم بمعلمي رجاء، فهم يرحلون راجين العثور على خبز يومهم في مكان آخر حسبما كان يقول القديس جوفاني باتيستا سكالابريني، ولا يستسلمون حتى حين يقابَلون بالانغلاق والرفض. وأضاف الأب الأقدس أن إصرار هؤلاء الأشخاص، والذي يقوم في المقام الأول على محبتهم لعائلاتهم التي تظل في البلدان الأصلية، يُعَلمنا الكثير ويعلمكم أنتم بشكل خاص، قال البابا لضيوفه، وذلك باعتباركم مهاجرين بين المهاجرين كما كان يقول مؤسس الرهبنة. وتحدث قداسته عن أن الرهبان ومن خلال اللقاء والحوار واستقبال المسيح الذي هو في الغريب يَنمون مع هؤلاء المهاجرين في تضامن أحدهم مع الآخر. توقف الأب الاقدس أيضا عند كون البحث عن مستقبل، والذي يحرك المهاجرين، هو تعبير عن الحاجة إلى الخلاص التي توحد الجميع بغض النظر عن العرق أو الأوضاع، بل وأن التنقل حين يُفهم ويعاش بشكل صحيح، ورغم ما يطبعه من ألم، يمكنه أن يكون مدرسة ثمينة للإيمان والإنسانية سواء لمن يقدم المساعدات أو من يتلقاها. ودعا الأب الأقدس إلى عدم نسيان أن تاريخ الخلاص في حد ذاته هو تاريخ مهاجرين وشعوب في سير.  
 
ثم انتقل قداسة البابا إلى الجانب الآخر أي الخدمة الرعوية، فشدد على الحاجة الضرورية إلى رعوية رجاء. فإن كان بإمكان الهجرة في حال توفر الدعم المناسب أن تصبح لحظة نمو للجميع فإنها في حال عيشها في وحدة وهجر يمكن أن تتحول إلى مآسي اقتلاع جذور وجودية وأزمة قيم وآفاق، وصولا إلى فقدان الإيمان وإلى اليأس. وأشار البابا في هذا السياق إلى أن ما يتعرض له الكثير من أخوتنا وأخواتنا الذين يُقتلعون من مساكنهم من ظلم وعنف غالبا ما يكون غير إنساني ما قد يُسقط حتى مَن هم أكثر قوة في ظلام الإحباط واليأس. من الضروري بالتالي أن يكون هناك مَن ينحني على جراحهم، قال البابا، ويعتني بضعفهم الكبير الجسدي والروحي والنفسي. هناك حاجة إلى تدخلات رعوية قوية محورها القرب على الأصعدة المادية والدينية والإنسانية، وذلك لدعم الرجاء لدى هؤلاء الأشخاص ومعه دعم المسيرات الداخلية التي تقود إلى الله، رفيق الرحلة الأمين الحاضر دائما بالقرب ممن يعانون.
 
وفي حديثه عن الجانب الثالث أي المحبة قال البابا فرنسيس إن حديث القديس جوفاني باتيستا سكالابريني عشية يوبيل سنة ١٩٠٠ حول أنين العالم تحت وطأة ألام كبيرة هو آني في زمننا أيضا مع الأسف. وأضاف الأب الأقدس أن في أيامنا هذه غالبا ما يضطر الأشخاص إلى الرحيل بسبب عدم مساواة في الفرص والديمقراطية والمستقبل أو بسبب الحروب التي تعذب الكوكب. وإلى جانب هذا، واصل قداسة البابا، هناك انغلاق ورفض الدول الغنية التي ترى فيمن يقرع أبوابها تهديدا لرخائها. وتحدث قداسته عن أن في هذه المواجهة المأساوية بين مَن يريد حماية رفاهيته ومَن يكافح للبقاء على قيد الحياة هربا من الجوع والاضطهاد يفقد كثيرون حياتهم أمام الأعين اللامبالية لمن يقتصر على المشاهدة أو، وما هو أسوأ، مَن يستغل معاناة الأشخاص. شدد البابا فرنسيس بالتالي على الحاجة إلى إطار محبة يعيد وضع الإنسان وحقوقه وكرامته في المركز من خلال تجاوز قوالب الاستبعاد النمطية، وذلك للاعتراف بالآخر، أيا كان ومن أي مكان أتى، كهبة من الله، فريدة، مقدسة، لا يمكن المساس بها، وثمينة من أجل خير الجميع.
 
وفي ختام كلمته أشار البابا فرنسيس إلى مواصلة شباب كثيرين في دول مختلفة من العالم الانضمام إلى الرهبنة السكالابرينية. ودعا قداسته الرهبان إلى شكر الرب على ما تلقوا من دعوة، كما وحث البابا ضيوفه، وكي يكون مجمعهم العام فرصة للتعمق في حياتهم ورسالتهم ولتجديدهما، على جعل هذا اللقاء زمن شكر متواضع وفرِح.