محرر الأقباط متحدون
الصلاة، التأمل، المحبة، الرجاء. كانت هذه أهم النقاط التي أراد البابا فرنسيس التحدث عنها خلال استقباله صباح اليوم المشاركين في المجمع العام لرهبنة آلام يسوع المسيح.

استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم الجمعة ٢٥ تشرين الأول أكتوبر المشاركين في المجمع العام لرهبنة آلام يسوع المسيح. وعقب ترحيبه بالجميع توقف الأب الأقدس عند تأمل الرهبان خلال المجمع حول كيفية الرد بشكل يناسب زمننا على دعوة الله إلى التعاون في مخطط الخلاص. وأضاف البابا أن الرهبان قد تأملوا بشكل خاص في كلمات الرب إلى النبي اشعيا "مَن أُرسل ومَن ينطلق لنا؟" (اش ٦، ٨)، كما وتوقفوا عند دعوة يسوع "فاسأَلوا رَبَّ الحَصَاد أَن يُرسِلَ عَمَلَةً إِلى حَصادِه" (لو ١٠، ٣).

وواصل البابا فرنسيس متحدثا عن ضرورة الإجابة مجددا بكلمات النبي أشعيا "هاءنذا فارسلني"( اش ٦، ٨)، فهكذا ستتجدد الطاقات الإرسالية وذلك أيضا استعدادا لليوبيل الذي سنحتفل به قريبا، قال قداسته. ثم شدد البابا على أنه من المنشود بل من الضروري أن تضع الرسالة هدفا لها بلوغ أكبر عدد ممكن من الأشخاص لأن الجميع هم في حاجة إلى نور الإنجيل. وأعرب في هذا السياق للرهبان عن رجائه في أن يجدوا، وبدون التنازل عن الطرق المعتادة، مسارات جديدة وأن يبتكروا فرصا جديدة لتسهيل لقاء الأشخاص بالرب الذي لا يترك أحدا، بل، وحسبما كتب بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل طيموتاوس، "يُريدُ أَن يَخْلُصَ جَميعُ النَّاسِ ويَبلُغوا إِلى مَعرِفَةِ الحَقّ" (١طيم ٢، ٤).     

تحدث قداسة البابا بالتالي عن ضرورة الخروج إلى طرقات العالم، ميادينه وأزقته، وذلك كدليل على إيماننا الفرِح والخصب. إلا أن هذا الخروج، تابع قداسته، سيكون فعالا فقط في حال انطلاقه من الامتلاء بالمحبة إزاء الله والبشرية، محبة معاشة في الحياة التأملية والعلاقات الأخوية مع الجماعة في دعم متبادل، وذلك للسير معا مختبرين حضور الرب وسطنا. وشدد البابا فرنسيس بالتالي على أنه، ولإيجاد فرص للكرازة والتعريف بجمال شخص المسيح ووجه كنيسة جذابة ومستقبِلة وقادرة على الإشراك في الالتزام، هناك حاجة إلى تجذر متواصل في الصلاة وفي كلمة الله.

هذا ودعا قداسة البابا رهبان آلام يسوع المسيح إلى الأمانة إلى واجب الحفاظ على كاريزما القديس بولس الصليب، وتحدث عن أن البشارة التي تقوم على شهادة شخصية جيدة وعلى العظات تعلن محبة الله الذي يهب ذاته في الابن من أجل خلاص البشرية. وأضاف الأب الأقدس قائلا لضيوفه إن مؤسس رهبنتهم قد عانق هذا كله في الجذور وقد انغمس في خبرة روحية متأثرا بهذا السر وبقيادة الروح القدس. وتابع البابا حديثه عن هذا القديس مشيرا إلى إيمانه بكون موت يسوع على الصليب التعبير الأسمى عن محبة الله، إلا أن القديس بولس الصليب كان يتألم لشعوره بأن البشرية لسيت على وعي كامل بهذه المحبة. وقد انطلق من هذه الخبرة الداخلية عزم القديس على جمع أخوة ينغمسون في التأمل في هذه المحبة وعلى استعداد لإعلانها، قال الأب الأقدس.

دعا البابا فرنسيس بالتالي رهبان آلام يسوع المسيح إلى أن يعرفوا، بالفرح والقوة المنطلقَين من الكاريزما، أن يعلنوا حضور المصلوب والقائم في معاناة زمننا التي نلمسها في الفقر والحروب، في أنين الخليقة والآليات السيئة التي تخلق انقساما بين الأشخاص، وفي إقصاء الضعفاء. وشدد الأب الأقدس على ضرورة العمل كي لا تكون آلام أخوتنا يأسا وتعبيرا عن غياب الإنسانية.

هذا وأراد البابا فرنسيس الإشارة إلى انعقاد مجمع الرهبنة تزامنا مع السينودس حول السينودسية وقبل فترة ليست طويلة من افتتاح اليوبيل والذي يشكل الرجاء أحد مواضيعه الأساسية. وتحدث قداسته بالتالي عن فضيلة الرجاء وما لها من علاقة خاصة برهبنة آلام يسوع المسيح وذلك لأن أساسها اللاهوتي هو موت المسيح وقيامته. وقال البابا إن قلب يسوع يخبرنا أن الحياة تستمر بعد الموت وأن المحبة تنتشر في الإنسانية في هبة الروح القدس. وأضاف الأب الأقدس إنه إن كان لا شيء بإمكانه خنق قدرة الإنسان على أن يحب فلا شيء يَضيع ويجد كل شيء مجددا المعنى والقيمة، وعلى يقين الإيمان هذا يتأسس الرجاء، أضاف الأب الأقدس.    

وفي ختام كلمته إلى المشاركين في المجمع العام لرهبنة آلام يسوع المسيح قال البابا فرنسيس إنهم، وعلى مَثل مريم العذراء وبشفاعتها، يعيشون تكرسهم ورسالتهم واعين بالحاجة العاجلة إلى نشر رسالة الخلاص، ولكن ليست هذه عجلة الوقت بل عجلة النعمة، عجلة المحبة التي تُسرع لبلوغ هدفها مثل موجة بحر متعجلة إلى لمس الشاطئ.