حمدى رزق

«.. وأنا أقول للحكومة إذا كان التحدى الاقتصادى هيخلينا نضغط على الرأى العام بشكل لا يتحمله الناس، فلا بد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد.. لا بد من مراجعة الموقف مع الصندوق».. (من حديث الرئيس السيسى فى افتتاح مؤتمر السكان والصحة والتنمية البشرية/ الأحد ٢٠ أكتوبر).

 

وكررها الرئيس مرتين، فيما يشبه التنبيه الأخير، وكما يقولون «الثالثة تابتة»، يقينا لن نصبر على طعام واحد، حتما ولا بد من مراجعة البرنامج الإصلاحى مع صندوق النقد الدولى.

 

مطلوب من الحكومة مراجعة وطنية تعنى بالمقاصد الوطنية العليا، لا تترجم تراجعا عن برنامج الصندوق، ولا فض شراكة، ولكن مراعاة لظرف اقتصادى ضاغط، من نواتج حروب إقليمية كلفت الاقتصاد الوطنى ما يثقل حركته.

 

مستوجب وضع هذه الظروف القاسية وتداعياتها الاقتصادية تحت أنظار خبراء الصندوق، أفقدت مصر من ٦ إلى ٧ مليارات دولار خلال ١٠ أشهر. (من حديث الرئيس).

 

ومتوالية الخسائر أقرب إلى نزيف حاد؛ بند واحد، مصر تفقد شهريا نحو ٦٠٠ مليون دولار لتأثر الملاحة فى قناة السويس بسبب هجمات الحوثيين.

 

الرئيس السيسى يتمتع بحياء سياسى لا يعيبه، أبدًا لا يستجدى الصندوق، يتحدث من موقع الشريك، برنامج الصندوق ليس وصاية بل شراكة، مصر صاحبة قرار وسيادة، الرئيس يتحدث من أرضية شراكة موجبة مع صندوق النقد الدولى.

 

ومصر لم تتقاعس يوما عن الإصلاحات الضرورية فى عمق الاقتصاد الوطنى رغم قسوتها، ولا يوما تأخرت عن سداد القروض رغم ثقلها، ولم تمار حكومتها فى روشتة الصندوق، وتجرعت والشعب الدواء المر جرعات.

 

وبرنامج الصندوق محل احترام مصرى بيقين، مصر عند كلمتها، وتفى بنصيبها فى شراكاتها الدولية مع الصندوق كاملة غير منقوصة، وتفى بالتزاماتها كما اتفق دون إخلال أو تسويف، مصر دولة جادة وتحترم شراكاتها الدولية.

 

مصر تحملت أعباء حروب إقليمية ونزاعات أهلية فى المنطقة لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وتجتهد فى الوساطة المضنية على جبهة غزة، وتعمل على تبريد الحرب الأهلية فى السودان، وتجمع شمل الفرقاء فى ليبيا، وتجرى التفاهمات فى المتوسط، وتتحمل غرم الطمع الإثيوبى فى مياه النيل.

 

مصر صابرة دون أن تتململ أو تطلب تعويضات دولية، يذهب الكثير منها إلى دول أخرى فى الإقليم، ومصر تتحمل فوق هذا الغرم غرما مضاعفا باحتواء ملايين اللاجئين هربا من الحروب الأهلية فى الجوار، وتوفر لهم ملاذا آمنا، المنحى الأخلاقى يكلف كثيرا، ومصر لم تتأفف، ولم تغلق حدودها، ولم تقم مخيمات للاجئين على أرضها، وتعاملهم معاملة تليق بمكارم الأخلاق.

 

هل حسبها خبراء الصندوق، هل توقف أمامها الاتحاد الأوروبى الذى يدفع المليارات لمنع دخول اللاجئين إلى أوروبا.. كم يدفع الاتحاد الأوروبى لمنع الهجرة غير الشرعية.. وكم نصيب مصر؟!.

 

مصر دولة تحترم شراكاتها الدولية، ولديها سوابق معتبرة فى التعاطى مع صندوق النقد، وبرنامج الإصلاح الاقتصادى قبل (كورونا) حظى بنجاح لافت فى ظل ظروف اقتصادية عالمية مواتية، لم يتوفر مثلها لتنفيذ مقررات البرنامج الثانى الذى تلقى ثلاث ضربات قاسية؛ كورونا، الحرب الأوكرانية، حرب غزة.

 

 

«البرنامج الثانى للأسف يتعثر نظرًا لعدم الاستقرار العالمى اقتصاديًا، وهناك تحديات شديدة الصعوبة، لهذايجب أن يدرك صندوق النقد الدولى هذا الموقف جيدًا». (من حديث الرئيس).

نقلا عن المصرى اليوم