حمدي رزق
رئيس الوزراء الموقر الدكتور «مصطفى مدبولى» فى نوبة صراحة حكومية يقولها: «نعى تمامًا أن الموضوع مؤلم والناس بتشتكى منه، ومفيش حكومة تتمنى ترفع الأسعار».

صحيح مفيش حكومة تتمنى رفع الأسعار، ونعلم علم اليقين حالة الاضطرار التى بتم عليها، ولكن لا ضرر ولا ضرار، الناس تضررت بشدة، أخشى تعانى حرمانا من الضروريات.

مقولة مدبولى تندرج تحت وصف «زى الوز.. حنية من غير بز»، يترجم شعبيا التعاطف الشفاهى، دون حليب يذكر، هكذا يمكن وصف تعاطف رئيس الوزراء مع الطيبين بعد رفع أسعار المحروقات نهاية الأسبوع.

الناس دمها اتحرق، وطفقت تبلبل وترغى وتزبد.. ورئيس الوزراء يبدى تعاطفا، تعاطفكم وحده مش كفاية، لن يوكل عيش حاف، القدور فى البيوت تغلى بماء قراح، خال من الدسم.

يقينا مدبولى واع سياسيا لما يقول، وسامع همهمات الناس فى الطرقات، وشايف التعليقات، ويلمس حيرة الناس فى تدبير التعايش، الناس حائرون، يفكرون، يتساءلون فى جنون.. وفى الأخير صابرون.

مدبولى أعلن هدنة ستة أشهر قادمة، لن ترتفع فيها أسعار المحروقات، وماذا عن المشويات والمقليات، وماذا عن الخضر والفاكهة، والمبردات والمجمدات، ماذا عن الفول والطعمية، والبيض وحليب الأطفال، وماذا عن تعريفة التوك توك والميكروباص، نحتاج هدنة طويلة، فقط نلتقط الأنفاس، شهيق، لماذا تزفر الحكومة هكذا فى وجوه الطيبين؟!.

قبل النطق بهدنة الستة أشهر، حرى بكم تدبيج وتنفيذ خطة خلال شهور الهدنة للسيطرة على الأسواق، وكبح الأسعار، وغل أيادى الاحتكارات، وتسعير المنتجات فوقيا من جهة الإنتاج على العبوات، وتحريك مباحث التموين لضبط التجار المسعورين ينهشون فى لحم الحى.

ارتفاع أسعار السولار يرفع أسعار الفلافل، والفلافل تترجم طعمية، وقرص الطعمية تتفاوت أسعاره، يعز علينا الحكى هكذا، ولكن العين بصيرة واليد قصيرة عن إدراك فطور الأطفال، لا أتحدث عن بيض ولبن وجبن أبيض، فقط فول وطعمية وعيش أسمر!!.

ستة أشهر اختبار مصداقية، ربنا معاه، ليجتهد رئيس الوزراء، (١٨٠ يوما) كافية لتغير «مود البلد»، تكفى لإحداث نقلة نوعية يستشعرها الناس فى معيشتهم وهذا غاية المنى، أخشى بات من الأمانى العذاب.

لن يكلف كثيرا سوى إظهار «العين الحمراء» للاحتكارات، والتسعير من المنشأ، ووقف الزيادات التى تعلنها الشركات هكذا علانية دون ضابط ولا رابط، ودون وعى بخطورة هذا المسلك مجتمعيا يترجم سياسيا.

نعلم، الظروف التى تمر بها البلاد قاسية، كان الله فى العون، لسان حال الطيبين، ومعلوم ما هو مطلوب تأديته من فروض اقتصادية ثقيل على أكتاف البلد، ومتعاطفون بل ومساندون فى معركة الحكومة مع صندوق النقد.

ولكن الأسواق توحشت، ترويض الوحوش الكاسرة يحتاج إلى خبرة ومهارة ودربة فى ضبط الإيقاع، الحكومة مشكورة تؤمن أرصدة السلع الاستراتيجية الضرورية، وهذا من حسن تصريف الأمور، ولكن هذه الأرصدة (رصيد الحكومة) تتبدد فى الأسواق المتوحشة.

لا تحدثنى عن العرض والطلب، القضية لا هى عرض ولا هى طلب، ولا سوق حرة ولا سوق مقيدة، هناك احتكارات مجرمة متوحشة تغشى الأسواق، والحكومة فى قبضتها قانون الاحتكار، أخشى دون التسعيرة المعلنة للسلع الاستراتيجية، بما فيها الفول والطعمية.. كأن الحكومة تنقش على سطح الماء.
نقلا عن المصرى اليوم