( 1936- 1947 )
إعداد/ ماجد كامل

ميلاده ونشأته :
ولد الطفل " شفيق صبري " فى فجر يوم الأحد الموافق 20 مايو 1894 ، فى مدينة المنصورة  ، وبعد أن أتم تعليمه فى المدارس التحق بحكومة السودان وعمل موظفا ، وهناك أتقن خدمة  الوعظ ومدارس الأحد ، وفى عام 1932 قدم استقالته وجاء إلى مصر ليلتحق بالكلية الإكليركية فى مقرها القديم بمهمشة حيث نال رضا الجميع وتقديرهم

التحاقه بالرهبنة فى  دير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس :
بعد أن تخرج من الكلية الإكليركية ، قرر أن يكرس حياته  كلها للرب ، فتقدم إلى الرهبنة ورسم راهبا بدير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس فى 18 أبريل 1936 بيد الأنبا ثاؤفيلس مطران القدس ورئيس دير القديس الأنبا  أنطونيوس بأسم الراهب " باسيليوس الأنطوني " .

إنتدابه للخدمة فى كنيسة القيامة بالقدس :
بعد فترة  قليلة رسم قسا وتم انتدابه للخدمة والصلاة فى كنيسة القيامة بالقدس  .
تاريخ رسامته أسقفا على الأقصر
تمت رسامته أسقفا  على إيبارشية  الأقصر وإسنا وأسوان  فى 25 أكتوبر 1936 على يد المتنيح البابا يوأنس التاسع عشر .

ترقيته مطران على يد البابا يوساب الثاني :
ثم تمت ترقيته مطرانا على يد البابا يوساب الثاني فى سبتمبر 1946 .

أعماله فى المطرانية :
1-أهتم بالتعليم حيث أسس  عدد كبير من المدارس الإلزامية القبطية وأيضا الكثير من الجمعيات  والمؤسسات الخيرية .

2-أهتم بخدمة مدارس الأحد وكان يؤمن بأهمية تربية النشء منذ طفولتهم المبكرة على المباديء المسيحية كما أهتم بالخدام وقام بتنظيم مؤتمرين للخدمة : المؤتمر الأول عام 1946 ، والمؤتمر الثاني عام 1947 .

3-قام نيافته بسيامة المتنيح الأنبا مينا الصموئيلي أسقف ورئيس دير القديس الأنبا صموئيل المعترف راهبا بكنيسة القديسة بربارة بمصر القديمة .

4-قام برسامة ثلاثة من الشمامسة الكبار برتبة " اناغستيوس " فى يوم واحد وهم :
1-الإكليركي وهيب عطا الله جرجس ( المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس فيما بعد ) .

ب-الشماس ملاك ميخائيل (  المتنيح القمص انجيلوس ميخائيل كاهن كنيسة العئراء بالزيتون فيما بعد ) .

ج-القديس المبارك الشماس  حبيب فرج ، وتمت الرسامات الثلاثة فى كنيسة الأنبا  أنطونيوس بشبرا  يوم 10 سبتمبر  1939 .

5-أهتم بنشر  الوعظ والتعليم المسيحي فى جميع أنحاء الإيبارشية ، وأقام عددا كبيرا من الخدام والوعاظ لهذه الخدمة إيمانا منه بالآية التي تقول " هلك شعبي من عدم المعرفة " ( هوشع 4 : 6 ) .

6-أهتم بخدمة الفقراء والمحتاجين ، وكان شعاره المفضل ( من يرحم الفقراء يرحمه الرب ويكثر له الخير فى حياته ، وينجيه من ضيقاته وينعم عليه بعد مماته بالملكوت السماوي ) .

7-أجري الله علي يديه معجزات كثيرة جدا  نذكر منها أنه  عند زيارته لمدينة أسوان ، زار منزل الأستاذ كامل المدرس بمدرسة الأقباط بأسوان وكانت له  أبنة كسيحة منذ ولادتها ، فصلى عليها وقال  " الذي أقام المخلع هو قادر أن يقيمك يا أبنتي " ، وفى اليوم التالي قامت الفتاة وقد شفيت تماما . وغير ذلك الكثير من المعجزات . ونذكر أيضا عند زيارته لمدينة أرمنت ، أنه رأي طفلة متوارية وراء أحد الأطفال ، عاجزة عن الهتاف مع الأطفال فامسك بها وحملها على ذراعيه بأبوة حانية ، وقال  لها " لا تخافي يا صغيرتي ، اهتفي مثلهم فصاحت الطفلة بفرح عظيم عم جميع الموجودين " .

 اهتمامه الشديد بالكلية الإكليركية :-
من المعروف  أن الأنبا باسيلوس قضى بالمدرسة الإكليركية ثلاث سنوات  ، ومن هنا آمن إيمانا شديدا بأهمية الإكليركية ، ووضع لذلك برنامج عمل للإيبارشيته بقصر رسامة الكهنة على خريجي المدرسة ، وكانت  أهم ملامح هذا البرنامج :-
1-قصر سيامة الكهنة إينما وجدوا على خريجى المدرسة .

2-اعطاء الفكرة الحسنة الصحيحة عن الاكليركية بحالتها الراهنة لأراخنة الشعب بأبروشياتنا المختلفة .

3-التضافر لإيجاد العمل لكل خريجيها ، لنشر كلمة الله بين الربوع وسط الشعب الجالس فى الظلمة وظلال الموت ، لتعليم عقائد الكنيسة الأرثوذكسية وطقوسها وحقائق الكتب المقدسة وكلامها .

4-الاتصال بالمدرسة الاكليركية بانتظام بالزيارة والمراسلات ونشر جميع مؤلفات مديرها ، ودروس مدارس الأحد الخاصة بها ، والوقوف باستمرار على أخبارها وأحوالها .

5-عقد مجلس يحضره جميع الآباء الروحيين وحضرة مدير المدرسة سنويا للنظر فى أمورها ومطارحة البحث فيما يعود عليها بالخير العميم والنجاح القويم .

تاريخ نياحته :
تنيح نيافته  يوم 16 أكتوبر 1947 أثر عملية جراحية بمستشفي  نجع حمادي عن عمر يناهز 53 سنة و4 شهور . وقد اكتشف الآباء الكهنة عندما يلبسونه الحلة الكهنوتية أنه كان يرتدي قميص من الخيش الخشن .

نماذج من نصائحه وأقواله :
1-لا تهتز ولا تحرك جسمك وأنت تتحدث إلى الغير وتتكلم معهم .
2-لا تجعل حياتك معقدة أكثر مما هى بحاجة إليه من التعقيد والإرتباك فتبسيط الرغبات هو ادخار لنشاطك العصبي .
3-لا تحرم نفسك من وقت للأكل أو التمرين أو النوم لئلا تهبط بقدرتك العقلية وتحرم نفسك السعادة والهناء .
4-لا تفقد إيمانك بنفسك وقواك ومواهبك .

5-كن دائما مؤمنا بالله فإن الإيمان ينير الطريق ويلهم القوة والنجاح والتوفيق .
6-لا تفزعك الصدمات الطفيفة وأعلم أنك بشر وعلى ذلك فأنت غير معصوم .
( انظر النصائح بالكامل فى : رفعت زكي  نصير  ، لابس المسوح ، سلسلة الإنجيل المعاش  ، صفحة 107 ) .  

قالوا عنه بعد نياحته :
1- قال  المتنيح الأنبا ميخائيل  الذي ترأس صلاة الجناز على جسده الطاهر " هنيئا لك يا أخي في رحلتك السعيدة إلى عالم الحق والخلود .... لقد كنت يا أخي روحانيا تحب الروحانيات وتنسى نفسك معهم .. لقد كنت تفهم الدين كما قدمه السيد المسيح له المجد لا قاصرا على الوعظ والتعليم ولكنه خدمة شاملة لكل احتياجات الإنسان الروحية والمادية " .

2-وهيب عطا الله ( المتنيح الأنبا غريغوريوس فيما بعد ) فى مقال له نشر فى مجلة مدارس الأحد فى عدد شهر نوفمبر 1947 :
"إنه من خير الرعاة الصالحين . فقد عرف مسئولية وظيفته وخطورة ظعوته فكان يجوب بنفسه فى أنحاء إبروشيته  مفتقدا الصغير والكبير ، والفقير قبل الغنى ، ولم يكن ليمل أو يفشب أو يترفع عن السير بقدميه إلى حيث يعزى حزينا أو يواسى فقيرا ....ومما يؤثر عنه فى نبيل شعوره ، أنه افتقد أرملة فى بيتها ، فرثى لفقرها وبؤسها . وجلس على الماجور ، وحدثها مخففا آلامها مشجعا لها ، وعند قيامه كان قد ترك لها تحت الماجور ودون أن تشعر مبلغا من المال  ، فلما نهض ليخرج ألحت عليه المرأة أن يتفضل فيقبل إشتراكها المتواضع فى أعماله الإصلاحية ، وكان إشتراكها قرشا صاغا واحدا ، فأبى معتذرا بأنها هى التي تحتاج إلى مساعدته ، ولما رأى تاثر المرأة من رفضه لم يشأ ان يجرح شعورها المسيحي برفضه ، فقبل منها قرشا ، وكان يرسل لها كل شهر وفى كل عيد ، مبلغا ثابتا قد رصه لها معونة ورحمة .

وإما انه رجل إصلاح فسل عنه شعبه فى جميع أنحاء إبروشيته الممتدة الواسعة : لقد كان مؤمنا الإيمان كله بأهمية تربية النشء من البنين والبنات ، منذ طفولتهم المبكرة عاى مباديء التقوى والدين القويم . فعنى بإنشاء كثرة عظيمة من المدارس الأولية والإلزامية المسيحية  . كما أنه شجع مدارس الأحد أعظم  تشجيع نالته مدارس الأحد من أحبار الكنيسة حتى الآن  . فنشرها فى كل الربوع وعقد لها مؤتمرا بالأقصر حضره  مندوبون من كل  فروع الإيبارشية بما فيها القرى الصغيرة النائية . ثم أذاع كلمة الخلاص فى بلاد كانت محرومة من التعليم والإرشاد الديني ، فعين فى كل أبروشيته عددا كبيرا من الوعاظ للمدن والقرى . وبالإجمال – فإنه على الرغم من المدة الوجيزة التى قضاها راعيا للشعب فى كرسيه ، فقد قام بأعمال مسيحية جليلة " .

3-القمص متى جندي المحرقي ( المتنيح الأنبا بطرس مطران أخميم 0 ( 1952- 1978 ) فى مقال له بنشر بجريدة " الوطنية ط يوم 4 نوفمبر 1948 بمناسبة مرور عام على نياحته :

"   عرفته لأول مرة فى سنة 1946  وتكررت زيارتي له فى داره بشارع حبيب شلبي فى الفجالة ، فنهلت من كوثر  علمه وأخلاقه وطباعه وتقواه وآدابه العالية مما أنار بصيرتي ووسع أفقي الأخلاقي وزاد فى تهذيبي الديني فكان لي أستاذا ومربيا وهو لا يدري وكنت له إبنا وتلميذا وأنا لا أشعر . إن سيرته الطبيعية اليومية التي التي لمستها ولمسها كل من زاره واحتك به كانت منارة هدى تضيء العقول والقلوب والضمائر ، فتخلق من الإنسان رجلا متواضعا تقيا واسع الصدر وتعطي لخدام الدين معنى الثبات على العقيدة وقوة الإرادة فى شجاعة  وصراحة وإيمان بل فى تضحية بالمال والراحة لا يعرفها إلا القدسون والشهداء " .

 مراجع المقالة :
1-حبيب جرجس : المدرسة الإكليركية بين الماضي والحاضر ، صفحة  189 .

2-القمص صمويل تواضروس السرياني :تاريخ البطاركة ، الجزء الثالث ، مكتبة دير السريان العامر ، الطبعة الثالثة  ، 2011 ، صفحتي 293 .
3-نبيه كامل داود وآخرون : تاريخ المسيحية والرهبنة وآثارهما في أبروشيتي نقادة وقوص وأسنا والأقصر وأرمنت ، مؤسسة القديس مرقس لدراسات التاريخ القبطي ، سلسلة تاريخ أبروشيات مصر وآثارها القبطية ، مؤسسة القديس مرقس لدراسات التاريخ القبطي ، 2008 ، الصفحات من ( 302- 307 ) .

4-رفعت زكي نصير، أيمن عريان  : لابس المسوح ، مثلث الرحمات الأنبا باسيليوس مطران إسنا والأقصر وأسوان ، سلسلة الإنجيل المعاش ، 2003 .
5-موسوعة الأنبا غريغوريوس : مقالات وموضوعات متنوعة – الجزء الأول موضوعات روحية ، جمعية الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمى ، المجلد رقم 29 ، الصفحات من ( 332-  340 ) .

6-مينا بديع عبد الملك : أعمال بطاركة وأساقفة القرن العشرين ، مطبوعت جمعية مارمينا العجاببي بالإسكندرية ، الطبعة الأولى ، 2004 ، الصفحات 91 ، 92 .