ياسر أيوب

سيبقى الذى قاله النجم الكروى الإسبانى نيكو ويليامز منذ أيام هو الكلام الأهم والأجمل والأصدق والأعمق بشأن الهتافات العنصرية فى ملاعب الكرة.. فقد قال نيكو إنه منتهى الظلم محاسبة أى إنسان على أصل ولون وأن الهجرة إلى الشمال ليست اختيارا أو رفاهية.. ويترك الكثيرون بلدانهم هربا من الموت وليس بحثا عن فرصة وفرحة ولا يريدون المال لكن يكفيهم فقط الإحساس بالأمان.

وإذا كان نيكو ويليامز قد تحدث بشكل عام عن الذين اضطروا للرحيل إلى أوروبا قادمين أو هاربين من إفريقيا.. فقد كان يتحدث أيضا عن نفسه وعن أبيه فليكس وأمه ماريا.. ففى 1993 بات الاثنان يعيشان حياة قاسية فى غانا دون أى فرصة لتغييرها وأى أمل يمكن تحقيقه فكان لابد من الرحيل إلى أوروبا.. وليس هناك دليل على حجم وقسوة وعذاب الحياة إلا أن فليكس وماريا وجدا أن عبور الصحراء الإفريقية الكبرى سيرا على الأقدام أسهل بالنسبة لهما من البقاء.

وقد مات كثيرون ممن كانوا معهما قبل الوصول إلى المغرب حيث قفز الاثنان فوق أسوار مدينة مليليا وعبور مضيق جبل طارق لدخول إسبانيا.. واستقر المقام بالإثنين فى مدينة بلباو وعمل فليكس مزارعا وعامل بناء وعملت ماريا خادمة فى البيوت.. وأنجب الزوجان طفلهما الأول إيناكى وبعد ثمانى سنوات جاء الطفل الثانى نيكو.. ووقع الشقيقان فى غرام كرة القدم التى غيرت حياة الأسرة كلها.

 

وبعد التألق مع نادى أتلتيكو بلباو.. انضم إيناكى لمنتخب إسبانيا تحت 21 سنة لكنه بعد رحلة مع والدته إلى غانا اختار اللعب لمنتخب غانا.. وبقى نيكو فى إسبانيا يلعب لأتلتيكو بلباو ومنتخب إسبانيا تحت 18 ثم تحت 21 سنة ثم المنتخب الأول.. وفى نهائى بطولة أمم أوروبا فى يوليو الماضى فى ألمانيا.. أحرز نيكو الهدف الإسبانى الأول فى مرمى الإنجليز وعاد الإسبان بكأس أوروبا إلى مدريد.

 

وقتها صفق الإسبان لهذا النجم الإسبانى البالغ من العمر 22 عاما بعدما كان أحد صانعى انتصار إسبانيا الكروى الأوروبى.. لم ينتبه وقتها أحد للون أسود تتغطى به ملامح النجم الشاب الناجح والموهوب.. وتعامل معه الجميع كلاعب إسبانى مولود فى إسبانيا وعاش وتعلم كل شىء فى إسبانيا ولعب كرة القدم التى أحبها.. وبعدما أصبحت بطولة أوروبا مجرد ذكرى جميلة وعاد الدورى الإسبانى الذى يلعب فيه نيكو لأتلتيكو بلباو.

 

 

عاد البعض ورأوا اللون الأسود واعتبروا نيكو ضيفا غير مرغوب فيه يستحق السخرية والإهانة.. ولم يهرب نيكو أو يحزن وقرر التصدى وخوض الحرب ضد هؤلاء الذين فقدوا إنسانيتهم ليس من أجل نفسه فقط ولكن كل ضحايا اللون الأسود.

نقلا عن المصرى اليوم