عمرو الشوبكي
الخلاف مع حزب الله وحركة حماس طبيعى، ومن حق البعض أن يرفض عملية ٧ أكتوبر ويعتبرها لم تُفد الشعب الفلسطينى، لكن من المهم التمييز بين رفض مشروع حماس للإدارة والحكم فى فلسطين ومشروع حزب الله فى الهيمنة السياسية والعسكرية على لبنان وبين الموقف من العدوان الإسرائيلى على كل من فلسطين ولبنان وجرائم الإبادة الجماعية التى ترتكبها بحق الشعب الفلسطينى.

لا يمكن أن يستمر البعض فى هجومه على حماس وحزب الله وتحميلهما مسؤولية ما يجرى فى غزة ولبنان، ويُخرجون ما تفعله إسرائيل من الحساب.

مفهوم أن يكون للبعض مرارات كثيرة مما فعلته حماس فى غزة وسيطرتها بالقوة المسلحة على القطاع فى ٢٠٠٧، ودورها فى تعميق الانقسام الفلسطينى وإصرارها على العمل السياسى بشكل منفرد خارج منظمة التحرير الفلسطينية، وأيضًا ارتياب كثيرين فى حماس لكونها جزءًا من حركات الإسلام السياسى وتجاهل جانبها المقاوم. ومفهوم أيضًا أن يغضب البعض من ممارسات حزب الله قبل العدوان على لبنان مثل مشاركته فى حرب سوريا واتهامه بأنه السبب الرئيسى وراء استمرار النظام السورى وسقوط آلاف من الضحايا، كما خاض الحزب معركة فى بيروت فى ٢٠٠٨ تركت مرارات كثيرة بين قطاعات من اللبنانيين، ثم تعامل كسلطة قمعية فى وجه الحراك المدنى قبل ٤ سنوات.

من الواضح أن غالبية اللبنانيين يرفضون إدخال بلادهم فى «حرب إسناد» لصالح غزة مهما كانت درجة تضامنهم مع الشعب والقضية الفلسطينية لأنهم يرون أن بلدهم غير قادر على تحمل نتائجها.

والحقيقة أن هذه الخلافات حول حماس وحزب الله موجودة، والانتقادات لأدائهما حاضر، لكن لا يمكن أن يكون موقف مواطن عربى من المجازر التى تجرى فى غزة عكس موقف مواطن أوروبى أو برازيلى أو أمريكى فُجع من جرائم الإبادة الجماعية وخرج يتظاهر يوميًا، وفرق معه أولًا وقبل كل شىء صور الضحايا من النساء والأطفال، ومازال البعض عندنا «يفعص» فى جزئيات وأخطاء وقع فيها كلا التنظيمين، ويتجاهل بشاعة الجرائم الإسرائيلية.

لقد رفضت إسرائيل قبل ٧ أكتوبر مسار التسوية السلمية بإجهاض حل الدولتين بالاستيطان فى الضفة والحصار فى غزة والتنكيل والسجن والقتل فى المنطقتين، وهمشت إسرائيل السلطة الفلسطينية وأضعفتها قبل ٧ أكتوبر ولم تعترف بها بعدها، ولم تعبأ بالمجتمع الدولى وقرارات الأمم المتحدة، وعجزت قوى الاعتدال العربية ومختلف صور الضغط المدنية والقانونية عن دفع إسرائيل للالتزام بقرارات الشرعية الدولية.

هناك حد فاصل بين رفض حماس وحزب الله وبين تجاهل الجرائم الإسرائيلية التى جرت وتجرى مع الجميع، معتدلين وممانعين، مقاومين سلميين ومسلحين، فمن يتشنج ويختزل ما جرى فى ٧ أكتوبر ويتجاهل الممارسات العدوانية الإسرائيلية قبلها والإبادة الجماعية بعدها لديه عمى ألوان، لأنه بموقفه هذا يشارك إسرائيل فى جرائمها التى لا تتوقف.
نقلا عن المصرى اليوم