ياسر أيوب

يمكن لأى لاعب كرة ألمانى أن يسىء إلى المسيح وكل الكنائس والأديان.. أو يهاجم المستشار أولاف شولتس والحكومة وأى حزب سياسى.. أو ينتقد اتحاد الكرة وأى نادٍ أو لاعب وعالم وفنان وأديب ألمانى.. لكن ليس من حق هذا اللاعب أن يسىء ويهاجم وينتقد المثليين ويرفض سياسة ومحاولات فرض قبول الشذوذ الجنسى بكل هذا الضغط والتكرار والإلحاح.. وكل الحرية الحقيقية التى تعيشها وتحافظ عليها الديمقراطية الألمانية والغربية عمومًا لم تكن كافيه لأن يعلن كيفين بهرنس رفضه للمثليين دون أن يتعرض للحرب والكثير من الأذى.

 

فقد انتقل كيفين لنادى فولفسبورج فى يناير الماضى، بعد رحلة طويلة مع كرة القدم، لعب خلالها للعديد من الأندية الألمانية، بدأها فى نادى فيردر بريمن فى المدينة التى ولد فيها كيفين منذ ٣٣ سنة.. ومن فيردر بريمن إلى العديد من الأندية، ثم يونيون برلين الذى انتقل منه كيفين إلى فولفسبورج.. ولم يلعب كيفين للمنتخب الألمانى سوى مباراة ودية وحيدة، العام الماضى، أمام المكسيك.. وفوجئ كيفين مؤخرًا بمسؤولى فولفسبورج يطلبون منه التوقيع على القميص الرسمى للنادى، بعد إضافة شعار قوس قزح الذى أصبح رمزًا للمثليين تضامنًا معهم.. ورفض كيفين التوقيع، وتعددت محاولات مسؤولى فولفسبورج لإقناع كيفين بالتوقيع، مثل زملائه فى الفريق، لكنه أصر على الرفض قائلًا إنه لن يوقع على هذا القرف أو هذا الهراء.

 

وقرر فولفسبورج معاقبة اللاعب نتيجة هذا الموقف الذى يتعارض مع سياسة النادى الداعية للتنوع والتسامح واحترام الآخر بصرف النظر عن نوعه ولونه وهويته وميوله الجنسية.. وما إن تسربت الحكاية خارج النادى حتى قامت الحرب الكبرى ضد كيفين بهرنس، الذى أصبح فى نظر كثيرين مجرمًا وعدوانيًا فاقدًا للإنسانية والتسامح.. ولم يجد كيفين حلًا لإيقاف هذه الحرب إلا الاعتذار، واصفًا تعليقه بأنه لم يكن لائقًا ومناسبًا.. ولا أستطيع أو أملك حق لوم كيفين على هذا الاعتذار الذى اضطر إليه، حرصًا على مستقبله الكروى والإنسانى بعدما اكتشف أنه يقف بمفرده أمام ماكينات عملاقة سياسية واجتماعية وإعلامية دائرة طول الوقت لفرض الشذوذ على الجميع.

 

 

والمؤكد أن كيفين ليس أول لاعب كرة أوروبى أو لاتينى يرفض كل ذلك، ولن يكون آخرهم أيضًا، تمامًا مثل كثيرين فى الغرب لا يزالون يرفضون كل ذلك.. لكننى سأتوقف فقط أمام دعوة فولفسبورج للتنوع والتسامح واحترام الآخر.. وطالما يقولون إن الحرية تمنح أى إنسان الحق فى اختيار ما يريده ويمارسه، فلماذا لا ينال المعارضون نفس هذه الحرية؟!.. فمعظم لاعبى فولفسبورج وقعوا وأيدوا الشذوذ دون أن يدينهم أحد.. فما هى مشكلة أن يكون للاعبين آخرين رأى آخر وموقف مختلف؟!.